متابعة / ماهر محمد
اقصر الطريق للحقوق تسمية المصطلحات بمسمياتها الحقيقية.
قبول مصطلح الأشخاص ذوي الإعاقة في الاتفاقيات الدولية والدستور المصري وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تفرض على الجميع الالتزام بالمصطلح وتوحيده.
جاء مفهوم قادرون باختلاف من المبادرات المدنية والمجتمعية فكثيرًا ما تستعمل مصطلح قادرون باختلاف في خطاباتها وتصريحاتها الاعلامية وحفلاتها وغيرها، أضف إليها الكثير من المصطلحات الأخرى «ذوي الهمم، متحدي، محاربي (الإعاقة-الأمراض)».
تلجأ هذه المصطلحات وما يشاكلها إلى «رَمنسة» الإعاقة للتعاطف مع ذوي الإعاقة، أو النظر إليها بشكل مفرط في الإيجابية وذلك لتحفيز الدولة بداية من وزاراتها وهيئاتها والمجتمع المدني لتبني هذا الملف ودعمه.
اللغة وليدة سياقها. وفي محاولة لفهم هذا السياق، ننظر إلى الموضوع من منطلقين، الأول يتلخص في المساعي التي تبذلها الدول لدعم ذوي الإعاقة، والثاني في التحديات التي تواجهنا كأشخاص ذوي إعاقة، وهذا يعتبر عيب تعاني منه مبادرات دعم ذوي الإعاقة .
ما يحتاجونه الأشخاص ذوي الإعاقة فعلًا وما يضمن لهم حقوقهم الكاملة هو مساواتهم بالآخرين وضمان عدم التمييز ، وتوفير اللازم لهم ليكون لهم استقلالهم وقدرتهم على الحياة كأي شخص آخر.
إن كان لتلك المبادرات أي أهمية، فإنها لا تعدو كونها أهمية إعلامية، لو لم ترتبط بتغيير حقيقي على أرض الواقع، وتفهُم لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، فذوي الاعاقة أصحاب التحديات الحقيقية اصحاب المشكلات التي نسعى جميعا لحلها ليس هم من يظهرون فقط في التكريمات والحفلات فلننظر للنجوع والقرى في مخططنا.
قبل أن نعيد صياغة الاصطلاحات حول الإعاقة ونجملها، هل يمكننا أن نراجع مفاهيمها أولًا، لكي تكون أكثر شمولية للإعاقات؟
ما ينقله الإعلام لم يتمكن من تغيير الصور النمطية والوصمة الاجتماعية اللاحقة بالإعاقة والأشخاص ذويها؟ ربما ساعدت الحملات الإعلامية والمصطلحات مثل قادرون باختلاف وذوي الهمم وغيرها على إضاءة إنجازات بعض الأشخاص، وهذا مهم طبعًا، ولكنه غير كافٍ، لأن حتى أولئك الذين حققوا نجاحات مميزة واجهوا، أو لازالوا يواجهون تحديات وتمييزًا وأحيانًا عزلًا مجتمعيًا، وهذا التمييز واقع لا لشيء سوى لأن هؤلاء الأشخاص لديهم إعاقة ما.
إذا اقتنع الأغلبية بأن ذوي الإعاقة قادرون باختلاف او أصحاب همة متمكنين من نيل نصيبهم في هذه الحياة، فسوف يرتاح ضميرهم الجمعي من عبء المطالبة بالمساواة والحقوق.
إن لفظ قادرون باختلاف او ذوي الهمم يعزز الوصمة الاجتماعية الموجودة، وذلك لأنه غير شامل لجميع الإعاقات لان بعض الاعاقات غير قادرون سواء باختلاف او لا ، فصعوبات التعلم الشديدة مثلًا لن يحصل أصحابها على اللقب وبعض الاعاقات الذهنية والاعاقات النفس اجتماعية وكل هذه الإعاقات واردة بالقانون والاعاقات الشديدة أيضا غير قادرون ولا حتى باختلاف واليوم الذي نطلق فيه هذا المصطلح فلابد من التمكين الحقيقي الذي يجعل ذوي الإعاقة قادرون.
فلابد من استخدام مصطلحات دقيقة مدروسة علميا واجتماعيا وليست مجرد شعارات اعلامية لجلب الاستعطاف والتعامل مع الملف بطرق خاطئة فعند عمل القانون الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة تم تشكيل لجنة وطنية لتصنيف الاعاقة ومصطلح قادرون باختلاف يسقط العديد من انواع الإعاقات مصطلح غير شامل ، الاعتراف بالمشكلة اول و اقصر الطرق للوصول للحقوق فاذا ما اكدنا اننا ليست لدينا مشكلة وان ذوي الإعاقة قادرون فلماذا نعمل جميعا؟ ولما نضيع الوقت في الاستراتيجيات والخطط لتمكينهم؟ لأن القدرة و الهمة تفترض أن يكون الشخص قادرًا ذهنيًا وعقليا وبدنيا وغيرها وهذا لا يعني اني اسلب من الأشخاص ذوي الإعاقة القدرة والتميز والنجاح بل اؤكد على ان لكل مقام مقال .
عندما عكف الخبراء والمتخصصين والحقوقيون والنشطاء والحكومات والمجتمع الدولى من كل بلدان العالم على اقتراح الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة ووضعوا بنودا تضمن الحقوق وتحافظ على كرامة الأشخاص ذوي الإعاقة وانسانيتهم ظلوا شهورا في ورش عمل واجتماعات واتفاقات للوصول الى هذا المسمى “الأشخاص ذوي الإعاقة” لان مصطلح يعترف بالشخص كإنسان ولا ينكر إعاقته شخص قبل أن يكون ذوي إعاقة .
إسكات التجارب الناطقة بكثير من الألم؟
التضامن غير ممكن إلا بإعلاء أصوات ذوي الإعاقة، والنظر إلى احتياجاتهم كجزء من احتياجات المجتمع، والنظر إليهم كجزء من نسيجه.
أما ما يحدث من تسميات رومانسية يسمى لن يجلب الحقوق.
لفظ قَدَرَ: (فعل)
قدَرَ على يقدُر ويَقدِر ، قَدَارةً وقُدْرةً ومقدرةً ، فهو قادِر وقدير ، والمفعول مقدور عليه
قدَر على الصعود إلى الجبل: تمكّن منه، استطاع، قوي عليه
لن يكون للقدرة وللهمة معنى صادق وحقيقي إلا إذا تبنت الدول والمجتمعات فعلًا نماذج للدمج والمساواة غير المشروطيْن، ومن دون تقسيم الأشخاص ذوي الإعاقة لا يجب الضغط على ذوي الإعاقة أنفسهم ليعالجوا الوضع الراهن عن طريق الامتثال لصورة الشخص الاستثنائي الذي يحارب كل التحديات ليصل، بل هذه مسؤولية الدولة أولًا والمجتمع ثانيًا لمعالجة التحديات والتمييز والأفكار السلبية المبطنة.
لابد من ضرورة توحيد استخدام مصطلح “الأشخاص ذوي الإعاقة” في جميع المخاطبات الرسمية الحكومية والتصريحات الاعلامية، انسجاما مع الأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها من دمج وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان حصولهم على حقوقهم المتصلة وتعزيز الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة.
كثرة المسميات التي تطلقها الجهات والأفراد على الأشخاص ذوي الإعاقة واستخدام مصطلحات محلية بديلة عن المصطلحات الدولية تربك عملية التواصل اللغوي مع غير الناطقين بالعربية في المحافل والمنتديات العالمية، لابد من التزام جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية وغيرها بتنفيذ اعتماد استخدام مصطلح “الأشخاص ذوي الإعاقة” في جميع المخاطبات بدلاً عن المسميات الأخرى.
الالتزام بمصطلح “الأشخاص ذوي الإعاقة” هو جزء لا يتجزأ من التزام مصر بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها، أن المصطلح المتفق عليه عالميا هو “الأشخاص ذوو الإعاقة.
وكما استبعدت الاتفاقية الدولية مسمى المعوقين أو المعوقون واي مسميات أخرى لكون هذه المسميات في نظرهم مصطلحات معيبة كأشخاص لهم حقوق وعليهم واجبات، ومن حقهم العيش باستقلالية وبمسمى يليق بهم والاتفاقية الدولية تسمو على الأنظمة الداخلية للدولة، وفي حالة تعارض الأنظمة الداخلية مع الاتفاقية فيتم تغليب الاتفاقية الدولية لانه بمثابة قانون دولي، ومن هنا يتضح أهمية المسمى وأهمية المحافظة عليه.
وعدم إدراجهم تحت أي مسمى لا يميزهم عن غيرهم وإعطائهم جميع حقوقهم الاجتماعية كاملة، وحق التعايش مع أفراد المجتمع وتهيئة البيئة المناسبة، وإزالة العقبات والحواجز.
وهذا المسمى ليس إلا لإثبات حقوقهم لإيجاد لهم خدمات خاصة في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.
هذا المصطلح نتاج التطور الحقوقي لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة مصطلح يعطي للأشخاص ذوي الإعاقة الحق القانوني في المطالبة بالتعديلات البيئية للتناسب مع الإعاقة وممارسة الحقوق باستقلالية.
*داليا عاطف استشاري وخبير متخصص في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة*