مقالات
قصة قصيرة؛ بعنوان: أنصاف الآلهة؟
د. غسان صالح عبدالله
نحن شعوب منكوبة ومخذولة ومسكينة، نحاصر بعضنا بالانتماءات والسلاح
فقدنا أبناؤنا وأخوتنا وقتلهم سماسرة الأوطان وجلاوذة العصر، كأننا خرجنا للتو من كهوف مظلمة لم تر الشمس ابدا
وتبين بأننا لسنا أهل الأبجدية واللحن وأنصاف الآلهة والعتابا وام الزلف ولسنا لنا علاقة ببابل واوغاريت
ولا بسنحاريب وزينون وحمورابي ولا فتحنا اوربا ولسنا اولاد عشتار وأفروديت وانانا
بل نحن ابناء الكهوف.
فلمن سال دمنا المجاني ، ولحساب من ؟
ومن سرق رغيفنا ومن يحاصرنا جوعا وقهرا ومن يبيعنا عبيدا ويتاجر بأشلائنا وحولنا إلى شحاذين على ابواب من اغتصبنا روحا وفكرا وارضا ووطنا
لماذا قتلوا ياسمين الشام ونخيل بغداد ، وارز لبنان وبيارات فلسطين وزيتون تونس وسرقوا مياه النيل؟
تاجروا بإرثنا وتاريخنا وديننا وهويتنا وباعونا إلى من يرسل لنا من يقتلتا بأسلحتهم القذرة
فهاجر عديدنا إلى قاتله يستجديه لتأمين مأوى ورغيف خبز ويعتق رقبته من القطع.
ماهذا الإذلال ، ولماذا تقتلوننا مرات عدة بهذا الشكل البهائمي المتوحش؟
تركنا اوطاننا ومشاعرنا وكبتنا رغباتنا لندفن ارواحنا تنزف بين عالم كنا في الأمس القريب نعلمه حروف الهجاء ونحرره من أكل لحوم البشر ،
وبنينا له قصوره ومدنه وحضارته التي استولت اليوم على كل إرث لنا.
ضيعوا أحلامنا وقتلوا آمالنا بفتوى عربدة ذاك الأحمق المدعي زورا وكيل الإله.. وهو الموكل بالحساب والعقاب والإيمان والكفر ، وبيده السيف لقطع رأس من يخالف تشريعه الجديد .
سرقوا ضحكات اطفالنا ومستقبل شبابنا وسبحوا في بحار دمائنا وسكروا على دموع أمهاتنا وقطعوا كفوف عجائزنا
وخيرونا بين الموت والموت ولم يكن امر ثالث إلا الموت
لعنة اصابتنا جميعنا ..فكانت فرصة نجاتنا هي بين هذه الخيارات ، ساعات، او ايام او أشهر
ولنقل سنين يأتي الدور لقطع رأس هذا او ذاك او نكون قد متنا جوعا وألما وحزنا وعذابا وفتكا بمشاعرنا
وقتلا لفلذات اكبادنا ونهبا لثرواتنا ودوسا على كرامتنا.
ننتظر الموت ونحن نخبئ إلها جميلا رائعا في قلوبنا ، غير إله الموت الذي جاؤوا به..نصلي لإلهنا بخلواتنا فقط.
أما آلهتنا الجدد ينتظرون كيف نساق لنذبح قرابين في معابدهم ، حولونا بلا أرواح
لا يحق لنا أن نملك روحا ، ما نملكه هو لهم.
دموعنا تجمدت في المقل، وقلوبنا تفحمت من الألم، وأولادنا إما يقتلهم الجلاد او يذبحهم السياف
ولا يفيدنا الصراخ والبكاء لأنهم لا يسمعون؟
بتنا نستجدي الموت أن يسرع ويأتي دورنا دون تأخير فلا الصيحات فادتنا ولا الاستغاثات أنقذتنا
وفقدنا ذاك النور الذي ظهر لنا في نهاية نفق مظلم بعدما حاصرته جموع الظلام وأنهار الدم
والرؤوس المكدسة وسماسرة الوطن
فاستسلمنا لمشيئة آلهتنا الجدد بعدما مات الأمل وأغلقت الأبواب إلا أبواب الجحيم.