اخبار مصر
الهناجر: الكنيسة والأزهر استطاعوا عبر العصور الوقوف أمام الأفكار الهدامة
متابعة – علاء حمدي
عقد قطاع شؤون الإنتاج الثقافى، برئاسة المخرج خالد جلال، وتحت إشراف الفنان شادى سرور مدير المركز؛ ملتقى الهناجر الثقافي الشهرى تحت عنوان: “انتصارات رمضان ومحبة الأوطان”، بمركز الهناجر للفنون بساحة دار الأوبرا المصرية، مع اتباع كافة الإجراءات الاحترازية والوقائية.
وقد حضر الملتقى الدكتور عمرو الوردانى، آمين الفتوى ومدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، والداعية الإسلامى الدكتور مظهر شاهين، والقس إرميا مكرم، كاهن كنيسة مار جرجس الساحل وعضو الأمانة العامة لبيت العائلة المصرية، نيابة عن نيافة الحبر الكريم الأنبا إرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذوكسى، واللواء أركان حرب هشام الهناوى، المحلل العسكرى والاستراتيجى، والفنان طارق الدسوقى، والدكتور مصطفى زمزم، رئيس مؤسسة صناع الخير للتنمية، والناقد الفنى الدكتور أشرف عبد الرحمن، الأستاذ بأكاديمية الفنون، أدارت اللقاء الناقدة الدكتورة ناهد عبدالحميد، مدير ومؤسس ملتقى الهناجر الثقافي.
قالت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مدير ملتقى الهناجر الثقافى ومؤستسه، إن شهر رمضان يبعث البهجة والفرحة والسرور، فى كل النفوس، ويجدد الإيمان فى القلوب، وينشر التواصل والتراحم والألفة والمودة فى كل بيت مصرى، شهر رمضان كما ترون تحلو لياليه الجميلة بالذكر والصلاة على الحبيب محمدًا “ص”، وبالابتهالات، والتسابيح، والتواشيح، أعاده الله علينا بكل الخير واليمن والبركات.
وتابعت عبدالحميد، أنه فى الحقيقة موضوعنا كما تعرفون حول شهر رمضان وانتصاراته ومحبة الأوطان، من ينظر إلى هذا الشهر سيجده شهر الملاحم والانتصارات، شهر رمضان هذا الذى أسبغ الله عليه سبحانه وتعالى من الفضل والعطايا والمنح، وجعله ميقاتًا لأداء فريضة الصوم بما لها من فضائل فى تقوية العزيمة والصبر، وأنزل فى أوقاته المباركة أيضًا القرآن الكريم، وإذا نظرنا فى جُل كتب التاريخ، سنجد أن أغلب الانتصارات والملاحم فى شهر رمضان، ابتداءً من غزوة بدر، التى تمت فى العام الثانى الهجرى وصولًا إلى انتصارات العاشر من رمضان عام 1973، وإذا تأملنا أيضًا فى هذا الشهر سنجد أن جنودنا البواسل مازالوا يستلهمون نفحاته، ويستعيدون روح انتصاراته فى مواجهة هذا الإرهاب الغاشم الغادر، صاحب الأفكار الظلامية التعسة، التى أوقعتنا فى براثن التطرف والإرهاب لسنوات وسنوات، ولكننا تغلبنا عليها بفضل الله تعالى وبقوته، وكذلك بقوة الإرادة الوطنية المصرية، للشخصية الوطنية المصرية صاحبة أقدم حضارة فى التاريخ، حضارة ما يزيد عن سبعة آلاف عام.
وأضافت: حينما نحتفل بحلول شهر رمضان المبارك، أو بعيد الزعف، أو عيد الفطر، أو عيد الأضحى المبارك، وعيد الميلاد المجيد، وشم النسيم، وسبت النور، والمولد النبوي الشريف، ندخل فى شراكة أساسها وقوامها المحبة والألفة والتسامح، ولا تنحصر تلك المناسبات فى كونها مناسبات دينية سعيدة فحسب، لا ولكنها تصير هوية وطن، وحينما نسير فى الشوارع وزيارة الأهرامات والمعابد المصرية القديمة، أو زيارة قصر الأمير طاز، والمرور فى الطريق على سبيل أم عباس، والذهاب لزيارة مسجد الرفاعى ومسجد السلطان حسن، ثم منه إلى الكاتدرائية المرقصية بالعباسية، والتجول فى أرجائها نجد المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، فهذا المركز العظيم الذى يقدم كل خدماته التعليمية والثقافية والمجتمعية لكل المصريين مسلمين ومسيحيين.
وأثنت عبدالحميد، على الصورة المشرفة التى تبلورت للعالم أجمع حول مصر الحديثة من خلال نجاح موكب المومياوات الملكية الباهر فى مختلف الأوساط الدولية، قائلة: “حينما نزور كل هذه الأماكن ونزور متحف الحضارة الجديد، وخاصة بعد نقل المومياوات الملكية، الذى تألف من أثنين وعشرين مومياء ملكية لملوك وملكات مصر القديمة، وقريبًا جدًا سنحتفل بافتتاح المتحف الكبير، فحينما نقم بزيارة تلك الأماكن التى ليست لحفظ آثارنا وتاريخنا فقط، لا بل إنها تمثل كذلك هُوية وطن يخصنا، وها نحن احتفلنا هذا العام بالعاشر من رمضان وبالتزامن مع حلول ذكرى تحرير سيناء، تلك البقعة الغالية من الوطن، سيناء أرض الفيروز، بوابة مصر الشرقية، هبة السماء ومهد الأديان السماوية الأولى، الأرض المقدسة التى باركها الله سبحانه وتعالى”.
من جانبه أوضح الداعية الإسلامى الدكتور مظهر شاهين، أن الله عز وجلَ أشار إلى شهر رمضان المبارك ووصفه بأن أيامه معدودة، حيث قال تبارك وتعالى بسورة البقرة: “أيامًا معدودات”؛ فالمعدودية توضح أهمية هذا الشهر الفضيل، كما أكد أن الأديان كافة حثت على أهمية محبة الأوطان، فكان الرسول الكريم “ص” يشتاق وتتوق نفسه للعودة إلى مكة وطنه، التى بكى المصطفى “ص” حينما أُخرج منها، ولم يكن ليخرج منها أبدًا إن لم يخرجه منها أهلها، إلى أن فتحها الله له، فنزلت الآية الكريمة الأولى بسورة الفتح: “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا”، والفتح المبين هنا مبين على قدر اشتياق النبى “ص” لهذه البلدة، فهو لم يخرج طواعية من مكة بل أُخرج مرغمًا، وهذا اللفظ كذلك يوضح القسوة المتمثلة فى الإجبار على ترك الوطن.
وأكد شاهين، أن العلاقة بين الإسلام والوطن حميمة، كما أن بعض العلماء أضافوا إلى ما سبق الحفاظ على الأوطان كضرورة سادسة، مشيرا إلى أن العلماء قالوا أن الضرورات الخمس ذاتها تتمثل فى أن حث الإنسان على حفاظه على نفسه وعرضه وعقله ودينه وماله، كما أن من العلماء من جعلها ست ضرورات، بإضافة عنصر وجوب محافظة الإنسان على وطنه.
ومن جانبه قال الأب إرميا مكرم، كاهن كنيسة مار جرجس الساحل وعضو الأمانة العامة لبيت العائلة المصرية، “أنقل لكم تهنئة نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذوكسى، بشهر رمضان وعيد الفطر، وكل سنة وأنتم طيبين، جعل الله هذه الأيام دائمًا أعياد فى مصر، أتذكر الآية التى ذكرت فى الكتاب المقدس التى تقول: مبارك شعبى مصر، فمن قالها ربنا، فكون أن أرض مصر وشعبها له مكانة خاصة قلب الله، ويقول مبارك شعبى مصر؛ فبالتأكيد يجب أن نحب تلك البلد التى خصها الله وباركها وتم ذكرها بالإنجيل؛ لذلك مهما طرأت على مصر ظروف تقوم أقوى مما كانت، والسبب أن الله باركها، لذلك نحن أقباط مصر نحب هذا تراب هذا البلد جدًا، والدليل على ذلك أننا فى كل المشاركات الوطنية نكون حاضرين، فلى عمين رحمهم الله شاركوا فى حرب الاستنزاف وفى حرب أكتوبر، وكذلك خالى رحمه الله كان أسيرًا عام 1968م، ورأينا كيف كانت المرارة التى عاصرناها آنذاك، وكنا جميعًا على قلب رجل واحد، وما كان أحدًا يسمع وقتها لفظ مسيحى أو مسلم من الأساس! إلا أن هذه الألفاظ أصبحت تتداول حديثًا فقط؛ لأن المقصود كان أن يتم التفرقة بيننا وإشعال الحرب الأهلية بيننا”.
وتابع: أن الكنيسة عبر باباواتها والأزهر عبر شيوخه الأفاضل، استطاعوا عبر كل العصور أن يقفوا أمام تلك الأفكار الهدامة التى تستهدف هدم مصر، ستبقى مصر قوية بشعبها دون تفرقة أو مسميات، ومهما حدث لن يقدر على مصر أحد، ستبقى مصر قوية بمثقفيها بأديانها، وهذا الشهر يتزامن الصوم المقدس لدينا مع صوم شهر رمضان، ومن مصر تخرج صلوات كثيرة جدًا سواء من الكنائس أو المساجد؛ فكثرة هذه النسك والعبادة فى مصر لدينا تؤكد قول الله مبارك شعبى مصر.”، وفى مختتم كلمته أكد أن شعب مصر واحد ودمائه واحدة، وسيبقى كذلك على الدوام.
من جانبه أستشهد الدكتور عمرو الوردانى، آمين الفتوى ومدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، بالحديث الشريف الذى قال فيه المصطفى الكريم “ص”: “إن لربكم فى أيام دهركم لنفحات”.
وتابع: أن الانتصارات تعد نفحات لشهر رمضان؛ فالانتصارات تعشق شهر رمضان، وفى شهر أكتوبر كنا فى قمة الانكسار والتذلل لله عز وجل، لذا جاء الانتصار.
وأكد الوردانى، أن الانتصار جاءنا فى شهر رمضان مع الابتكار، متحدثًا عن الحيلة العسكرية العبقرية لاستخدام المياه فى إسقاط خط بارليف الذى وصف بالمنيع إيهامًا بواسطة أعداءنا الذين كانوا ومازالوا يبيعون لنا الوهم، مشيرًا إلى أهمية ابتكار البطل اللواء باقى زكى، صاحب فكرة اقتحام الساتر الترابى لخط بارليف، هذا المهندس القبطى المبتكر، مشيرا إلى أن رصده للكثير من العادات المنتشرة بشكل فطرى بين المصريين، فى بحثٍ عكف على انجازه وحمل عنوان: “إسلام المصريين”.
وأوضح الورداني، أنه قبل انتشار التدين الكمى، اعتاد المصريون على تقبيل أول رزق يومي لهم من الأموال ثم يضعونها على جبهتهم، وهذه فى حقيقة الأمر إحدى سنن المصطفى (ص) الذى كان عندما تأتيه أوائل الثمار يضعها على فمه، ثم يضعها على عينه، ثم يعيطها لأصغر طفل فى المجلس ويقول هذه حديثة عهدٍ بربى، وأشار كذلك إلى أن معنى مقولة “خمسة وخميسة”، يتمثل فى قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم للمعوذتين لكى يرقى الحسن والحسين رضى الله عنهما، من الحسد، والمصريون يخافون جدًا من الحسد، ولكنهم يخافون أيضًا من إحراج أى شخص، ومن هنا جاءت “خمسة وخميسة”، مؤكدًا على أن المصريين بطبيعتهم متدينين بالفطرة، ولكن المتطرفين أرادوا أن يجردوهم من طيبتهم فصنعوا ما يسمى بالبدعة لكى يغلقوا الآفاق على الإبداع والغيب أن اللفظتين من مشتقتين من أصل واحد!
بينما أوضح اللواء أركان حرب هشام الهناوى، أن الجيش المصرى يعد أول جيش نظامى فى العالم، يرجع إلى 3200 عام ق.م.، وذلك عقب قيام الملك مينا بتوحيد مصر بإقليميها الشمالى والجنوبى؛ حيث بدأت قبل أن يبدأ التاريخ، ثم أشار إلى أن علم الكيان الصهيونى يشير إلى نجمة داوود وسط خطين أزرقين، وهو ما يرمز إلى نهرى الفرات والنيل لكل خطٍرمنهما، وتتوسطهما النجمة الداوودية وهى الدولة الإسرائيلية ذاتها، وقد أقر بهذا سابقًا رئيس الوزراء الإسرائيلى.
وواصل متحدثًا عن بعض تفاصيل نصر العاشر من رمضان مؤكدًا أن إسرائيل بما كانت تحوزه من دعم أميركى كانت تفوق الدول العربية مجتمعة فى القوة العسكرية إلا أن الله نصرنا، بدأت الحرب فى الثانية ظهرًا وخمس دقائق، وتم اختيار عيد الغفران الذى كانت تحتفل به اسرائيل، مما أضفى لنا ميزة المفاجئة.
من جانبه أضاف الفنان طارق الدسوقى، أنه طالما قيل أن الجهل والفقر والمرض يمثلوا المثلث الأسوأ على الإطلاق، إلا أنه يرى أن الجهل ثم الجهل والجهل هى الأضلاع الثلاثة للمثلث الأخطر وفقًا لرأيه؛ معللًا هذا بأن الجهل عادة ما ينتج عنه الضلعين الأخريين.
وأكد الدسوقي، أن الجهل بأشكاله كافة يعد السبب فى كل ما نعانيه، الجهل ثم الجهل ثم الجهل، كما أكد أن الحل يكمن فى عودة الفن الحقيقى، بشرط وجود إعلام يعزز الثقافة والوعى لدى المواطن بما يدعم القضاء على الجهل بمختلف صوره؛ فبهذا يتم بناء الإنسان ومن ثم تبنى الأوطان، موضحًا أن الحال تحسن هذا العام وواصل مشيدًا بمسلسل الاختيار “ج 2” قائلًا: “كنا فى حاجة إلى الأعمال الدرامية الجيدة، لمواجهة الفكر المخطئ المغلوط، فقد رأينا عبر هذه الأعمال الدرامية الجيدة كيف تم عمل غسيل الدماغ”، مؤكدا أن دور القوة الناعمة في مجابهة الإرهاب، لأن القوى العسكرية تقضى على الإرهابى فقط ويبقى الفكر الإرهابى، ومن هنا تنبثق مسؤولية الثقافة والقوة الناعمة؛ فالفكر لا يواجه إلا بفكر.
وأكد الدكتور مصطفى زمزم، رئيس مؤسسة صناع الخير للتنمية، أن المؤسسة تعمل منذ خمسة أعوام ضمن مؤسسات المجتمع المدنى، وخدمت مليون ومائتى ألف مواطن، إلا أنه يعمل فى هذا المجال منذ خمسة عشر عام، موضحا أن مؤسسات المجتمع المدنى لا يمكنها العمل بشكل فردى، لكن ينبغى لها أن تعمل فى صورة شراكة مع الدولة المصرية.
وتابع مستعرضًا ما حققته مبادرة حياة كريمة، التى انطلقت فى مطلع عام 2019، بفضل مشاركة مؤسسات وأجهزة الدولة بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى لتوحيد الجهود بينهما، والتنسيق المُشترك لإطلاق مبادرة وطنية على مستوى الدولة لتوفير حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا.
وأوضح زمزم، أن أبرز ما قدمته تلك المبادرة تمحور حول القضاء على العشوائيات، بجانب القضاء على فيروس سى، مضيفا أنه شارك من خلال مؤسسته صناع الخير فى العمل بمبادرة حياة كريمة، واصفًا إياها بالمبادرة التى حققت ما لم يتحقق من قبل، بفضل مشاركة القوات المسلحة التى ذللت الكثير من الصعوبات والمعوقات، مما جعلها واحدة من أفضل المبادرات الناجحة وستظل كذلك حتى مستقبليًا، مؤكدا أن قطاع المجتمع المدنى فى مصر لا يتناسب مع ما احتياجنا؛ فمصر تحتاج من ثمان مائة ألف إلى مليون جمعية مجتمع مدنى نشيطة.
من جانبه قال الناقد الفنى الدكتور أشرف عبد الرحمن، إن متابعة الدراما فى رمضان هذا العام بشكل خاص، سببها حالة التعطش للروح الوطنية للدراما والفنون بشكل عام، وها نحن نرى الانجازات المادية فى البناء والطرق والكبارى والمدن الكبرى المشيدة، ولكن علينا الصبر لأن بناء الإنسان وإعادة الذوق العام يتطلب وقتًا كبيرًا، لكن أصبح هناك عودة من جديد للقوة الناعمة.
واختتم عبدالرحمن حديثه بأغنية “صباح الخير يا سينا”، ثم تابعت فرقة المولودية والفنان الدكتور عامر التونى بمصاحبة إلقاء الفنان طارق الدسوقى فى تقديم عدة أغنيات صوفية منها: “هامت الأرواح” و”متى يا حبيب القلب عينى تراك”، وتخلل هذا إلقاء الدكتور مظهر شاهين، والدكتور عمرو الوردانى بعض قصائد الشعر الصوفى.