بقلم / حاتم الغيطاني.
مصر.
ذهبت صاحبة السبعين عاما إلى مكتب البريد كعادتها كل شهر لتأخذ معاشها… توجهت إلى السوق واشترت حاجات الأسبوع . واشترت كيسا من قطع الحلوى… عادت إلى البيت ووضعت حاجاتها . ثم أخذت كيس الحلوى، وضعته في جيب جلبابها…
جلست على عتبة باب الدار، ووضعت في يدها قطع الحلوى ثم أخذت تنادي على أطفال الحارة . وهم منشغلون في لعبهم ولهوهم صادحة : يا سلمى يا عمر يا ندى يا ملك يا هنا يا مروة . يايارا يا عادل يا بودي ياشكشك ياولاد… وما إن سمع
الأطفال صوتها حتى ألقوا ما في أيديهم من لعبهم ونزعوا أنفسهم من لهوهم، واتجهوا إلى صاحبة الصوت دفعة واحدة فرحين . مهللين بنغمة واحدة (.. تيتة كريمة قبضت.. تيتة كريمة قبضت…ها ها ها . وانقضوا عليها ملتفين، وأخذت تيتة كريمة توزع عليهم الحلوى كعادتها كل شهر… وقد التف حولها أطفال
الشارع أغنياء، وفقراء صانعين مهرجانا، وحفلا غنائيا يتقاطر منه الحب و السعادة في أعين الأطفال . و عيني تيتة كريمة اللتين لمعتا بدمع خفيف يلمع بالسعادة الغامرة . لأنها تحب البسمة البريئة على أعين الأطفال.. وهم ليسوا فقراء يحتاجون للطعام والحلى فبيتهم تمتلئ
بالخيرات . ولكنهم يحبونها لحبها الصادق الذي تذوقه هؤلاء الأطفال البرآء بقلوبهم الرقيقة . التي لا تعرف الكذب ولا المداهنة… ثم انصرف عنها الأطفال إلى لعبهم، ولهوهم فرحين . مهللين بنفس النغمة (.. تيتة كريمة قبضت.. تيتة كريمة قبضت…ها ها ها).
وظلت تيتة كريمة تجلس على عتبة البيت تنادي على الذاهب، والآيب تعرفه، أو لا تعرفه . لتعطيه الحلوى (خد ياحبيبي بالهنا . والشفا) وهي تنظر إلى فرحته التي ترتد على شفتيها ببسمة ملائكية ثم تظهر . على لمعة عينيها الممزوجة بدمعة تقطر عسلا من عسل الجنة . التي أعدها الله لأصحاب القلوب اللينة.
التالي
23 أغسطس، 2024
هو انا ها اضرب الارض تطلع بطيخ
2 أبريل، 2024
بطلي المقنع والالماظة الزرقاء
19 أكتوبر، 2023
تبدل ارواح
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!