كتب/ خلف الله العيساوي
كان هناك عرب يسكنون الصحراء طلباً للمرعى لمواشيهم وكان هذا من عادة العرب التنقل من مكان إلى مكان حسب ما يوجد العشب والماء
وكان من بين هؤلاء العرب رجل له أم كبيرة في السن وهو وحيدها ومعه زوجته وأبنه الوحيد وكانت الأم تفقد ذاكرتها في أغلب الأوقات
نظرآ لكبر سنها فكانت تهذي بولدها فلا تريده يفارقها وكان تخريفها يضايق ولدها منها ومن تصرفها معه
وسيقلل من قدره عند قومه هكذا كان يصور له نظره القاصر .
وفي أحد الأيام أراد قومه أن يرحلوا لمكان آخر فقال لزوجته إذا ذهبنا غداً أتركي أمي بمكانها
وأتركي عندها زادآ ومائآ حتى يأتي من يأخذها ويخلصنا منها أو تموت .
فقالت له زوجته أبشر سوف أنفذ أوامرك .
شد العرب الرحال من الغد ومن بينهم هذا الرجل
تركت الزوجة أم زوجها بمكانها كما أراد زوجها ولكنها فعلت أمرآ عجبآ لقد تركت ولدهما الصغير دون أن تخبر زوجها
فتركت ام زوجها وولادها وتركت معهما الزاد والماء وكان الطفل هو بكرهما وكان والده يحبه حبآ عظيمآ فإذا أستراح طلبه من زوجته ليلاعبه ويداعبه .
سار العرب وفي منتصف النهار نزلوا يرتاحون وترتاح مواشيهم للأكل والمرعي ، حيث إنهم من طلوع الشمس وهم يسيرون .
جلس كل مع أسرته ومواشيه فطلب هذا الرجل أبنه كالعادة ليتسلى معه فقالت زوجته تركته مع أمك لانريده .
قال : ماذا ؟ وهو يصيح بها
قالت لأنه سوف يرميك في الصحراء كما رميت أمك .
فنزلت هذه الكلمة عليه كالصاعقة فلم يرد على زوجته بكلمة واحدة لآنه رأى أنه أخطأ فيما فعل مع أمه .
أسرج فرسه وعاد لمكانهم مسرعآ عساه يدرك ولده وأمه قبل أن تفترسهما السباع
لأن من عادة السباع والوحوش الكاسرة إذا شدت العربان الرحال عن منازلها يتركوا في أماكنهم بقايا أطعمة وجيف مواشى نافقة وغيرها فتاتي السباع فتأكلها .
وصل الرجل الى المكان وإذا أمه ضامة ولده الى صدرها مخرجة راسه للتنفس وحولها الذئاب تدور تريد الولد لتأكله
والأم ترميها بالحجارة وتقول لها أبتعدي هذا ولد أبني .
وعندما رأى الرجل ما يجري لأمه مع الذئاب قتل عددا منها ببندقيته وهرب الباقي حمل أمه وولده بعدما قبل رأس امه عدة قبلات
وهو يبكي ندمآ على فعلته وعاد بها الى قومه فصار من بعدها بارآ بأمه لا تفارق عينه عينها .
وصار أذا شدت العرب الرحيل لمكان آخر يكون أول ما يحمل على الجمل أمه ويسير خلفها على فرسه
كما زاد غلاء زوجته عنده لفعلتها الذَّكيَّة والَّتي علمته درسًا لن ينساه أبدًا .
خلوا بالكم من والديكم ،،،
يقول الكتاب فى الوصية الاولى اكرم اباك وامك لكى تطول ايامك على الارض.