Daftar Slot88
Slot777 Server Thailand
مقالات

الثقافة البغيضة

د. الباحث : غسان صالح عبدالله

يقول لوبون: دامت دولة العرب ثمانية قرون ورغم أنهم هم من صنع الحضارة الإسبانية . بميلهم الشديد إلى الفنون والآداب والعلم وافتتاخ المدارس والمكتبات والمخترعات وبراعتهم بالزراعة . وإنشاء الطرق والجسور والفنادق والمشافي والمساجد وكانوا يتصفون بالفروسية المثالية . ويتميزون بالكرم والإخلاص والرحمة والمحافظة على كرامة الأسرة  . ولم تحل سنة ١٤٩٩م حتى حلّ بهم الإضطهاد والتعذيب ودام لأكثر من ١٠٠ عام وقتل مالا يقل عن ثلاثة ملايين منهم بطريقة الذبح وقطع الرؤوس .

يضيف لوبون: تراكمت مبتسراتنا الموروثة ضد الإسلام والمسلمين في قرون كثيرة وصارت جزءا من مزاجنا وأضحت طبيعة متأصلة . بنا تأصل حقد اليهود على النصارى الخفي أحيانا والعميق دائما..

. إن الدوائر المتنفذة في السياسة والتعليم في الغرب كله منذ بدء عصر النهضة إلى اليوم دأبت على تشكيل صورة كاذبة مزورة . عن العرب مارست في تشكيلها كل ضروب المسخ والشويه والتزوير من أجل غرسها في عقول أبنائهم جيلا بعد جيل..

ومن أبشع ما افرزته ثقافة الغرب هو سرقة الإبداعات السورية في مجالات العلوم والتكنولوجيا . بوجه خاص وإلصاقها زيفا بمبدعين من بلدانهم وتصفية المبدعين السوريين جسديا..ولولا أن السوريين عمدوا إلى تخليد إبداعاتهم . بإطلاقهم عليها تسميات سورية سريانية لما بقي ما يدل على اي أثر لهم..ولم يكتفوا بتدمير المبدعين السوريين وكل ما يدل على وجودهم بل عمدوا إلى احتجاز العشرات من السوريين في إسبانيا . وأتوا إليهم بتلال من الكتب السورية من أجل أن يعيدوا نسخها ويزوروا محتوياتها ويبدلوا كل ماهو في صالح السوريين إلى هجاء

وشتائم وذم.. وقد أحرق برابرة آسيا الكتب والمكتبات العربية وألقى التتار مكتبة كاملة في مياه نهر دجلة لكن الهمجية.  التي أفرزها برابرة اوروبا تفوقت على أية همجية أخرى عرفها تاريخ البشر.

. في الوقت الذي دمر فيه الخارج صورة الأمة التاريخية ومزق وحدتها القومية على صعيد الواقع وأخضعها لكل أنواع الإحتلال وانكر هويتها القومية بعد أن زور تاريخها . وعمم هذا التزوير عن طريق مؤسسات التعليم والثقافة والإعلام والسياحة جاء المثقف السوري والعربي عموما يدرس ويعلم ويحاضر في هذا الفكر المشوه . والمزور والبعيد كل البعد عن تاريخنا..وظل المثقفون ملتزمين بما الزمهم به الغرب من تزوير ولم يحركوا ساكنا وأصبحوا جميعهم مهزومين في داخلهم ولم يتصدوا يوما لاسترجاع . هويتهم الثقاقية والحضارية السلبية . ويظهرون كل ذكائهم في خلق الأعذار والمبررات..

إن دوائر الإستعمار الغربي المتحالف من الصهيونية

إدراكا منها ما للتاريخ من دور توحيدي ونضالي في اية لحظة ينمو فيها الجدل منحى الصراع . فقد عمدت إلى تسديد سهامها نحو صدر التاريخ القومي للعالم العربي عموما لتعمل فيه تشويها وتمزيقا وتزويرا باذلة كل ما تستطع في سبيل محو الذاكرة وتشويه الهوية من خلال تشويه الأمة الثقافية . والحضاربة في التاريخ وعمدت إلى تقطيع الجسد التاريخي للامة بكل عروقه البشرية وأنساغه الثقافيه والحضارية افقيا وعموديا..

وتم بتر التاريخ السوري عن ماضيه العريق وصار ما يعرف ب( جاهلية ما قبل الإسلام) هو بداية هذا التاريخ ..وقد ألغى الوجود الحضاري والثقافي لعالمنا بكل كثافته الكمية والنوعية . المشهودة آثاريا والمدونة كتابيا لعدة آلاف من السنين قبل الميلاد . وهذا ما فتح الباب واسعا أمام كل مدع بالثقافة والأرض معا وترك الساحة خالية أمام التزوير

الصهيوني ليطمس هويتنا فألغى أسم سورية كلها من التاريخ لتحل محلها عشائر التوراة البدوية.  الرعوية اشد عشائر برية العرب تخلفا.

إن جهل” النخبة المثقفة ” بتاريخ أمتها واعتمادها النقل بعد أن عطلت العقل وكأن ليس في الأمر كله . ما يهمها أدى إلى نتائج سلبية كثيرة منها:

١. عدم قدرة المثقف على استيلاد الماضي الذي يجهله استيلادا تجدديا في لحظة الحاضر  . مما خلق الأرضية الزائفة لنشوء أزمة زائفة أطلق عليها اسم ” أزمة الهوية”.

٢. انقطاع المثقف عن معرفة التاريخ الصحيح لأمته افقده المصداقية وجعله جزءا من الواقع العربي . المتردي وليس متقدما عليه  . ومن لم يعرف تاريخه الصحيح سوف يبقى عديم القدرة على البناء على واقع ليس له في نظره أسس وبالتالي . سوف يبقى يقتات على المفاهيم الوافدة إليه والمنتجة حسب واقع آخر مغاير..

وقد درج مثقفونا على الخوض بثقافة في الغالب هي مسبقة الصنع وترد إلينا مثل كل السلع الإستهلاكية الأخرى..وصار الغالب الطابع على ثقافتنا مفاهميا لا معرفيا . والمفاهيم دوان معرفة وليس معرفة قائمة بذاتها  . ومن ينتج المعرفة ينتح ادواتها”.. هذا ما عرفناه إبان الحضارة السورية القديمة لكننا نرى ونلمس عكسه في واقعنا الراهن.

إن كل عمل عقلي هو عمل إبداعي ؛ وكل إبداع عقلي يندرج حتما في الثقافي وهو عمل واع أولا وهادف ثانيا . وبالتالي إن كل عمل عقلي هو عمل استراتيجي بالضرورة.

{ إن أي مشروع استراتيجي تخرجه إلى الساحة هذه الجماعة او تلك سواء أكانت ممثلة لدولة أو سلطة او حزب ويكون مشروعها ممثلا للضرورة التاريخية ولإرادة الجماهير الواعية للحقيقة التاريخية لا بد وأن تضع في مقدمة أهدافها الإستراتيجية وحدة الأمة وتحرير الأرض من الغاصب المحتل}.

{ إن اي اعتدال أو وسطية او حياد في معركة الأمة ضد مغتصبي أرضها وناهبي ثرواتها سواء على الصعيد السياسي او الإعلام او الحرب ليس في البدء وفي النهاية إلا جزء من المعركة؛ ولكن في الخندق الآخر.

● إن إحدى لعب الصهيونية في الزمن الحديث : هي إلغاء المفاهيم في الساحة مجردة كل شرط وجودها التي تحدد دورها ؛ فينقاد معها مدعو الثقافة على الساحة العربية وقد اثبتت التجارب أن من يعرفون اليوم ب( المثقفين والإعلاميين) في معظمهم هم أتعس فئات الأمة من حيث المضمون والدور على ساحة الأمة كلها..

وإذا ما وجد ثائر أومثقف عقلاني ينقض هذه الثقافة التي فرضت علينا حتى في مناهجنا الدراسية في مختلف مستوياتها يتهم باللاواقعية والإفلاطونية والمزاودة والجهل بالتاريخ ..التاريخ الذي فرضه المستشرقون والمستعمرون وعملائهم ومزوري التاريخ..

ختاما:

إن هذا الوحش المتصهين الذي تهيأت له الظروف من أجل سرقة المنجزات الثقافية للسوريين والعرب عبر القرون الأخيرة وقتل مبدعيها وطمس أي ذكر لحضارتها ؛ هذه الثقافة البغيضة دأب الغرب على إنتاجها وترسيخها في عقول الناشئة من أبنائه جيلا بعد جيل وبذل كل الجهد من أجل تميزها على الساحة العربية من خلال العمل على مسارين:

الأول: تجلى في ضرب وإفشال أية حركة قومية سواء سورية او عربية لأن نجاح أي منها كان كفيلا بالقضاء على المشروع الصهيوني. 

الثاني: إبراز الإسلام السلفي التكفيري التعصبي على الساحة وهو الإسلام الذي صنع في الغرب نفسه متعصبا معاديا للعلم ولكل مظاهر التقدم . وقد رعاه ودعمه وبواه ثم جعله الوجه الوحيد للإسلام ليكون جديرا فيما بعد وفي الوقت المناسب هدفا لكراهية الغرب وعداوته ثم شن الحروب عليه .

من هنا يأتي دوركم أيها الأخوة في الدفع بالحركة الثقافية . صعدا ليعم الخير والحب والجمال ربوع الوطن والأمة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!