Daftar Slot88
Slot777 Server Thailand
مقالات

الفرق بين البدعة والسنة الحسنة

بقلم /أبوالحسن الأمير 

من أكثر ما أحدث التفرقة بين أمة الإسلام وقسمهم إلى جماعات متصارعة يكفر بعضهم بعضا هو إختلاف فهمهم للعديد من نصوص الكتاب والسنة والتي ترتب عليها الإختلاف حول العديد من المصطلحات الدينية .

 

ويتضح ذلك جليا في تضارب الأفهام حول التفرقة بين البدعة والسنة الحسنة ، فكيف يمكننا أن نتحقق هذه المفاهيم بموضعية وحيادية ترضي الله ورسوله ويتوحد بها صف الأمة ؟

أولاً: البدعة:

يقول صلى الله عليه وسلم: (خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة )- رواه مسلم.

وعنه ﷺ ، قال : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ( – متفق عليه.

وفي رواية مسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .

 

والبدعة في أمور الدنيا هي كل عمل جديد ليس له مثال سابق قام عليه( وليس هذا المُرَاد في الحديث).

 

أما البدعة في الدين وهي مقصد النبي ﷺ في الحديث ، فقد انقسم فيها العلماء إلى فريقين:

 

الفريق الأول : يرى أنها كل عمل يُبتغى به وجه الله لم يفعله رسول الله ﷺ أو أصحابه (عبادات أو معاملات).

 

الفريق الثاني : يرى أن المقصود بالمحدثة التي هي البدعة هو الإحداث فيما فرضه الله من (عبادات) وهي الدين ، وهو المقصود في الحديث بقوله] في أمرنا هذا[ أي في ديننا هذا , كأن يزيد في فريضة أو ينتقص منها، أو يأتي بعبادة جديدة لم يفعلها رسول الله ﷺ ، أو يُحل ما حرمه الله ورسوله أو يُحرم حلالاً

 

وهذا هو الإحداث أي التغيير في الدين، أما ما يفعله الناس من أفعال الخير من العادات التي لم يحدد لها رسول الله ﷺ كيفية معينة أو توقيت محدد فهي متروكة إلى العبد، والمقياس في ذلك هو الرجوع بالعمل إلى الحلال والحرام لمعرفة مدى موافقته للمنهج الذي جاء به الدين فإن كان العمل في أصله حلالاً كان موافقاً للدين ومن الدين، وإن كان في أصله حراماً فهو مخالف للدين وليس منه، وهذا هو المقصود في الحديث بقوله ( ما ليس منه) و(ليس عليه أمرنا).

 

ثانياً: السُنَّة الحسنة:

قال ﷺ : ( من سَنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) – رواه مسلم.

 

وفي السنة الحسنة أنقسم العلماء أيضاً إلى فريقين:

 

الفريق الأول:

يرى أنه لا يجوز لأحد أن يُسِنَّ فعلاً جديداً لم يفعله النبي ﷺ . وأن المقصود بمعنى (سَنَّ)في الحديث هو (أحيا سُنَّة) متروكة من سُنَنِ النبي ﷺ. قد تركها الناس ونسوها، كما أحيا عمر بن الخطاب رضى الله عنه سنة صلاة التراويح في جماعة. ورسول الله ﷺ وحده هو صاحب السنة وليس لغيره أن يُسِنَّ سُنَّة جديدة.

 

الفريق الثاني:

يرى بأن المقصود بـ (سَنَّ) أي بدأ فعلاً جديداً لم يفعله أحد قبله.على أن يكون الفعل من مضمون ما دعا إليه الدين. من أفعال الخير، ولا يجوز لأحد أن يُسِنَّ في العبادات أو نوافلها. وإنما يكون ذلك في أفعال الخير (العادات).

 

– كيف نفهم الرأيين في البدعة والسنة الحسنة؟

الرأيان كلاهما لأكابر العلماء , ولا يحق لمسلم أن ينتقص من عالم لم يأخذ برأيه. فيكفي العالم شرفاً وفضلاً أنه اجتهد في فهم الكتاب والسنة. لينتفع المسلمون بعلمه؟ فكل المخلصين من العلماء مُثابون عند الله تعالى. المخطئ والمصيب، وقد أَقَرَّ رسول الله خلاف الرأي في فهم النص . كما في حديث (لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة)- رواه مسلم.

القاعدة الفقهية (لا يُنكَرُ في المُختَلَفِ فيه).

وبتطبيق ذلك، فعلى كل مسلم أن يخلص لله التفكر في الرأيين بموضوعية. ودون تحيز إلى فئة من العلماء. ويأخذ بما يطمئن إليه قلبه أنه الصواب.

 

وليس لمسلم أن ينكر على مسلم غيره خالفه في الأخذ برأي لم يأخذ هو به.وإلا أصبح مُحْدِثَاً فتنة عظيم خطرها.

 

الأقرب إلى الصواب:

إذا أردنا أن نتبين صحة أحد الرأيين في البدعة أو السنة الحسنة.فيجب أن نُجَنِّبَ العاطفة جانباً.ونُحَكِّمَ العقل بقواعد اللغة والمنطق.فمعلوم أن النقطة أو الشكلة (علامات التشكيل في اللغة) هي ضابط الكلمات ومُغَيِّر المعاني. كما قال الإمام البوصيري في بردته:

 

وواقفون لديه عند حدهم * من نقطة العلم أو من شكلة الحِكَمِ.

 

فاللغة هي جسد العلم والمنطق روحه. ولذلك قال الإمام أبو حامد الغزالي المتوفى 505هـ. مقولته الشهيرة في المفاضلة بين العلماء بحسب فهمهم للعلم: (لا يُوثق في علم من لم يدرس المنطق).

 

فإذا كانت النقطة والشكلة تغير المعنى ، فما بالنا بالكلمة.وتوجد في الحديثين كلمات ترجح صحة الرأي الثاني. في الأمرين ، وهي ) ما ليس منه) و ) ليس عليه أمرنا.( ،أي أن الحديث ليس على إطلاقه وإنما متوقف على شرط هو هذه الكلمات وهي سبب المنع.

 

ويكون هذا الشرط للمنع فقط في أفعال الخير(العادات) .التي ترك رسول الله ﷺ كيفيتها وزمنها إلى فاعلها. (فلا يحرم من العادات شيء إلا بنص من الكتاب أو السنة).

 

أما(العبادات)

من الفرائض ونوافلها وأحكام الحلال والحرام. فلا يجوز فيها الإحداث مطلقاً. فهي ثوابت الدين التي لا تتغير فمن أحدث فيها فقد ابتدع. (لا فلا يجوز من العبادات شيء إلا بنص).

 

وكذلك الأمر في الحديث عن السنة الحسنة.فقد حدد رسول الله بدقة بالغة مراده بقوله من (سَنَّ). وقد أُوتي مجامع الكَلِم وبلاغة القول. فكل كلمة يقولها يقصد معناها. وبالرجوع إلى اللغة نجد أن معنى الكلمة (من سَنَّ)هو من فعل فعلاً جديداً لم يسبقه إليه أحد قبله. بشرط موافقته لمنهج الدين.

 

ولا يصح المعنى لغةً أن نفسر (من سَنَّ) بـ (من أحيا)لأن لكل منهما معنى مختلف في اللغة.

 

ومن ذلك يتبين أن ما قاله أصحاب الرأي الثاني في الأمرين. (البدعة والسنة الحسنة) هو الأقرب إلى الصواب.

 

فلو كان يقصد منع كل عمل جديد على الإطلاق (في العادات). لقال: (من عمل عملاً لم أفعله) وما جعل للمنع سبب أو شرط .

 

الدين دستور أم قانون؟

الفرق بين الدستور والقانون

هو أن الدستور يحدد الخطوط العريضة للأفعال والسلوك .بينما يحدد القانون التفصيلات الدقيقة لها على أساس الدستور.

 

والدين بالنسبة إلى المسلمين هو بمثابة الدستور والقانون معاً، فهو قانون في العبادات والفرائض وسننها والمعاملات والأحكام، ولذلك حدد دقائق الأمور فيها.

 

بينما نجده أشبه بالدستور في كل ما يستطيعه المسلم من أفعال الخير , فترك للعبد حرية تحديد ما يناسبه وما يستطيعه والكيفية التي يفعل ذلك بها، على أن تكون داخل الإطار العام الذي يدعو إليه الدين ، وهذه هي )العادات(

(أي أن الدين قانون في العبادات , دستور في العادات)

خلاصة القول في البدعة والسنة الحسنة:

ومما سبق يتضح :

 أن البدعة تكون في العبادات، بينما تكون السنة الحسنة في العادات، ومقياس السنة الحسنة هو موافقة الدين في الحلال والحرام.

 

وبذلك نستطيع الحكم على مظاهر التصوف ، فما كان منها يدخل تحت مسمى العبادات فهو بدعة واضحة لأن النبي لم يفعله.

وما كان منها تحت مسمى العادات من أفعال الخير فهو من السنة الحسنة.

 

فالأصل في العبادات المنع إلا بنص يجيز العبادة .

بينما الأصل في العادات من الأفعال والسلوك الجواز إلا بنص يحرم العمل أو العادة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!