كتب/د غسان صالح عبد الله
ما يحصل الآن في سوريا
هو لن يكون الجزء الأخير من التآمر الدولي عبر قرون على سوريا لتفتيتها
وتمزيقها لأهميتها الجيوبولوتيكية في العالم.
لقد تم تقسيم سوريا من قبل البريطانيين والفرنسيين تنفيذا لاتفاق سايكس بيكو وذلك لتدمير مجتمعها المتآخي ؛
كما كان قبل الحرب العالمية الأولى وتحويلها إلى كيانات طائفية ومذهبية
وعمل البريطانيون والفرنسيون على إقامة مناطق تمييز طائفي ..عنصري..
فالتقسيمات لم تكن عشوائية لأنهم أرادوا أن يتبلور تيار من الكراهية وعدم الثقة بين سكان سورية فتنتفي أية إمكانية
لإيجاد قواسم مشتركة تؤدي إلى بناء المواطنة.
وقد نجح الفرنسيون في سلخ محافظات سوريا وضمها إلى جبل لبنان الذي أرادوا
أن تكون رئاسته مسيحية مارونية ..وبادروا إلى تحويل ماتبقى من سوريا إلى مقاطعات ” سنية وعلوية ودرزية”.
وبالتأكيد أن هذا التقطيع الطائفي هو لإضفاء الشرعية للإستيطان اليهودي الغربي لأرض فلسطين..أو سورية الجنوبية
كما كانت تسمى؛ فاليهود يمثلون دينا كما كل الطوائف ؛
وهكذا تضمحل الدولة القومية المبنية على أساس حماية حدودها الجغرافية والزود عن مجتمعها المكون
من مواطنين متساوين بمعزل عن دينهم أو معتقدهم أو عرفهم
ليفتح المجال امام الطوائف للتصارع لأن لا حدود جغرافية للأديان ” بل فقط للدولة القومية”.
وإذا ما نظرنا إلى الخريطة الجغرافية لبلاد الشام قبل الحرب العالمية الأولى وما بعدها
لوجدنا أن التقسيم الذي لحق بسورية هو تقسيم” جيواستراتيحي” فالاسكندرون ولبنان الكبير
والكيان الصهيوني تظل جميعها على البحر الأبيض المتوسط”.
وما تريده امريكا والصهيونية من الكيانات السوريا
هو الإعتراف بأنها بلدان مبنية على اسس مذهبية وطائفية وأن تقبل هذه الحقيقة وتبقى كهيكل ضعيف لاقوة له
ولا مركزية..
بما ان من يسيطر على الدولة ليس قرار المواطن بل سطوة الطوائف والمذاهب التي ستلجأ إلى تقاسم الدولة
أو الإحتراب الدائم الذي يفتح المجال للتدخل الغربي بحجة الديمقراطية وحقوق الإنسان أو حقوق الأقليات
أو تحت اي مسمى؛ وبالتأكيد بأن أي استبدال للتمثيل الشعبي بتمثيل طائفي أو قبلي أو عشائري يقود إلى تدمير الدولة وبقائها ضعيفة
وفقدان الإستقلالية في القرار السياسي؛ وهذا ما يحصل في لبنان وما اريد للعراق بعد غزوه…
إننا في سوريا وفي كل الكيانات السوريا نواجه خطرين بل ثلاثة يعملون لزوال حضارتنا وتاريخنا .
الخطر الصهيوني
. الخطر العثماني الخطر التكفيري ” الإسلام السياسي”
وقد اشترك الجميع في تدمير الدولة السورية واحتلال جزء كبير من أراضيها وسرقة ثرواتها..
ورغم كل ذلك فقد فشلوا جميعا في إسقاط الدولة السوريا وفشل المشروع المعد للمنطقة “
مشروع الشرق الاوسط الجديد” وما عقبه بما يسمى الربيع العربي الذي جاء لتنفيذ هذا المشروع الإخواني..
وأهم ما كان يعمل عليه هذا المشروع:
. القضاء على الجيوش العربية قضاء مبرما .
. بدلا من سايكس بيكو جديد تبني عالم اخواني واسع الأرجاء موال لامريكا يمتد من تركيا إلى المغرب العربي
وهي المنطقة التي حكمها العثمانيون سابقا.
. وقوف العالم الإخواني سدا منيعا أمام التمدد الروسي كما حصل في إفغانستان.
. تغلغل هذا الإسلام الزائف في مناطق شرق آسيا..
. مواجهة إيران على أساس ديني وإغلاق الدائرة حولها من الجهات كافة بما فيها آسيا الوسطى.
. تصفية القضية الفلسطينية بعد إلغاء هوية الفلسطينيين القومية.
الضغط على مسيحي الشرق للرحيل إلى الغرب.
تحويل الدين اليهودي إلى قومية يهودية أرضها( إسرائيل)
ويصبح كل يهودي في العالم قوميا إسرائيليا.
لقد كاد المشروع أن ينجح لولا ثورة الشعب المصري على الإخوان المسلمين في مصر
وصمود سورية المذهل .
إن صمود سورية نجح في استقطاب العديد من دول العالم بالوقوف ضد مشاريع الهيمنة الأمريكية الوهابية التلمودية
وسوف يؤدي بالتأكيد إلى اندخار وإبادة هؤلاء الإرهابيين التكفيريين…
وإننا في سورية رغم التدمير الهائل واثقون من أن الأمة سوف تنهض من جديد وتستعيد سيادتها وحقوقها
التي هضمتها الإرادات الأجنبية والمتحالفين معها.
التالي
6 أكتوبر، 2024
ذكرى الحرب والنصر
4 سبتمبر، 2024
صادق إسبر يطلق “مزايا” في الطبيعة
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!