الأديب الباحث غسان صالح عبداللهإن الأحوال القومية المدنية والحقوقية لا يمكن أن تستقيم حيث القضاء متعدد او متضارب ومقسم على المذاهب الدينية. الأمر الذي يمنع وحدة هذه الشرائع الضرورة لوحدة النظام .ولا بد للدولة من وحدة قضائية أو وحدة شرعية .وهذه الوحدة التي تجعل جميع أعضاء الدولة متساوون امام القانون الواحد هو امر لا غنى عنه فإذا ظل القضاء بيد رجال الدين ويحكمون في المعاملات .ويصرّفون الامور لا يمكن أن تنشأ وحدة عقلية.وحدة نظر واحدة في القضايا السياسية الحقوقية في الشعب الواحد .ولذلك من اجل تحقيق الوحدة القومية يجب منع رجال الدين من التدخل في شؤون القضاء والسياسة.وبذلك نساعدهم على رفع منزلة الدين وعلى احترامه.
فكل امة تريد أن تحيا حياة تبلغ فيها مثلها العليا يجب أن تكون ذات وحدة روحية متينة .فما معنى الأخوة إذا حرمتك من حقوق الاخوة؟ وكيف يمكن أن يكون للاخوة معنى من الحرمان للأخوة؟ كيف نكون أمة واحدة وأعضاؤها يشعرون بالفوارق بين فئة وفئة.وبين جماعة وأخرى ؟ يجب أن نقف في العالم أمة واحدة لا اختلاطا وتكتلات متنافرة يجب تحطيم الحواجز لجعل الوحدة القومية حقيقة ولإقامة النظام الذي يهب الأمة الصحة والقوة.
إن أول قوانين البشرية كانت قوانين اورنمو، تلتها تشريعات حمورابي المشرع البابلي، وما يسمى اليوم بالقانون الروماني هو بالأصل يسمى القانون السوري لأن ثلاثة من اصل خمسة واضعي هذا القانون هم سوريون،ومنهم بابنيان واولبيان السوريان اللذان ينحدران من مدينة حمص السورية.
يقول صموئيل كريمر العالم بالمسماريات: إن الذي يتصور أن برلمانات سياسية كانت موجودة قبل اولوف كثيرة من السنين.. إنه بفضل” الرفش والمعول” أصبح بوسعنا الآن أن نقرأ سجل مجلس سياسي انعقد قبل خمسة آلاف عام في الشرق الأدنى قبل اي مكان آخر.
إن أول برلمان سياسي معروف في تاريخ الإنسان المدون التأم في جلسة في حدود ٣٠٠٠ ق.م مؤلف من مجلسين :
. مجلس الشيوخ.
. مجلس النواب المؤلف من المواطنين القادرين على حمل السلاح ، وإذا كان بعض الأباطرة قد منح هذه المدينة السورية أو تلك لقب” كولونيا” أي محمية ، فلم يكن سوى امتياز لها، فالكلمة سريانية من الفعل السرياني ” كلا” ويعنى رعى .. ضحى..حفظ..وكان الاعتداء عليها بمثابة الاعتداء على الإمبراطورية.
واختم بالقول:.إن عملية بناء مؤسسات الدولة الحديثة يقع على كاهل نخبها السياسية والثقافية فكلما كانت النخبة واعية لماهية العمل السياسي ومصالح الأمة والمجتمع، كلما عمدت لبناء دولة حديثة يرتقي نظامها لمصاف الدول المتقدمة حضاريا والمتخذة من الإنسان غاية وليس وسيلة لتحقيق المصالح.والدولة تستمد قوتها وتوجهها لخدمة الوطن والمواطن، وبالمحصلة فبرامج الأحزاب هي بمثابة البوصلة التي تحدد خارطة الطريق لمسيرة الوطن والمشروع النهضوي ، فتقوم فلسفة الأحزاب على المسؤولية الجماعية للمجتمع والدولة نحو الفرد.