إن احدا لم يكن يتصور أن تقاتل سورية وحدها او مصر وحدها في معركة منفردة بل أن قتال الجهتين والجيشين معا
هو الذي يحمل معه أمل النصر الحقيقي ، هذا فضلا عن كون المعركة هي اساسا معركة الأمة العربية بأسرها
كانت تستدعي وما تزال أن يكون الرد على التحدي الص ه ي و ن ي الاستعماري بالمستوى القادر على دحره
وإلحاق الهزيمة الكاملة به وذلك بتوفير الحشد الكامل للطاقات العربية.
لقد كانت حرب تشرين التحريرية أبرز الاحداث التاريخية التي تمت في تاريخ العرب الحديث
نظرا لمنعكساتها ونتائجها سواء على الصعيدين العربي والدولي او على صعيد العدو ال ص ه ي و ن ي
وقد انتزعت زمام المبادرة باتخاذ القرار التاريخي بشن الحرب وللمرة الأولى في تاريخ العرب المعاصر
وتأكيد قدرة الإنسان العربي وجدارته القتالية وشجاعته وإمكاناته في استخدام أعقد وسائط الصراع المسلح
وتحقيق المفاجئة التامة على العدو الا س ر ائ ي ل ي من الناحية الإستراتيجية على الجبهتين السورية والمصرية
باتخاذ قرار الحرب وتوجيه ضربتين متزامنتين في الجولان وسيناء، وقد هدمت جدار الوهم من العدو
واستعاد الشعب ثقته بإمكاناته وقدراته وتعززت ثقته بقواته المسلحة، وتعزز الشعور لدى شعبنا بالقدرة على تجاوز المصاعب الموضوعية في طريق التحرير
كذلك تعزز الشعور بأن الأمة العربية قادرة ليس على المواجهة وحسب وإنما على تحرير كامل التراب العربي.
وقد كشفت الحرب الكيان الص ه ي و ن ي على حقيقته وبأنه غير قادر على حماية نفسه
كما انهارت اسطورة طيرانه كسلاح فعال في الحرب ، وقد كبدت العدو خسائر بشرية ومادية كبيرة
وقد تأثر اقتصاد العدو وأغلق العديد من المصانع واصابت العدو بخيبة آمال قيادة المؤسسة الص ه ي و ن ي ة بإنشاء إمبراطورية إس ر ا ئ ي ل الكبرى وتقلصت إلى كيان معزول على الصعيد العالمي.
لقد أبرزت الحرب أهمية الوحدة العربية في الصراع العربي الإسرائيلي
وأكدت على اهمية التضامن العربي ، ودفعت الحرب بالعرب إلى مقدمة ساحة الأحداث العالمية
وبرز العرب كأحدى القوى الرئيسية والفعالة في الأوضاع العالمية ولا سيما في مجال الأمن والسلام الدوليين وفي مجال النظام الإقتصادي والنقد العالمي.وقد اكدت الحرب الهوية القومية للصراع مع الص ه ي و ن ي ة وتجلى ذلك واضحا من خلال التحرك الجماهيري الواسع لدعم المعركة ومن خلال المواقف الرسمية للأقطار العربية الشقيقة.
ومن اهم نتائجها أن العالم أصبح ينظر إلى العرب بغير العين الذي كان ينظر بها إليهم بعد حرب حزيران ١٩٦٧
وان الأمن والسلام في اوربا والأمن في المنطقة العربية لا ينفصلان لأن السلام العالمي لا يتجزأ
وقد ادت الحرب إلى وقوع تناقض أساسي بين الموقف الأوربي
وبين الموقف الأمريكي سواء في الموقف السياسي أو الموقف في مجابهة مشكلة النفط
أو موقف رفض السماح للطائرات الأمريكية بالتمون من القواعد الأمريكية في اوربا خلال الحرب.
ومن ابرز نتائج الحرب الخلل الذي أصاب النظام النقدي والاقتصادي العالمي
ولا سيما في اوربا والولايات المتحدة واليابان.
وكذلك من الآثار الإيجابية أن علاقات العرب مع الدول الإفريقية وبلدان العالم الثالث قد توثقت وتعززت واقيمت اوثق العلاقات وأمتنها مع العرب ، وقطع العلاقات لعديد من هذه الدول علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل.
كذلك وعززت العلاقة ظع دول عدم الانحياز والاتحاد السوفييتي .
إن حرب تشرين أعطت العرب فرصة تاريخية لم يتمكنوا من استثمارها بفضل الإلتفاف على نتائج هذه الحرب ، وكان من الممكن لو بقي العرب صامدون لكانت تحررت الأراضي العربية كلها ، لكن الإستعمار والإمبريالية عملت جاهدة على إجهاض النتائج الإيجابية لهذه الحرب العظيمة ، لتحافظ على هذا الكيان الغاصب الذي زرع الموت و الخوف في كل مكان من العالم العربي.
وانا كمواطن عربي سورية متفائل رغم كل الهزائم التي لحقت بنا بعد اللقاء السوري المصري منذ ايام لعودة الحياة والطمأنينة إلى قلوب العرب، لأن التاريخ أثبت أن سورية ومصر جناحي الأمة، ولا يمكن لأحداها منفردة أن تحلق بالأمة..
كل التحية لجيشنا الباسل في سورية ومصر والعالم العربي..
