نَهَتِ الشَّريعةُ الإسلاميةُ المُطهَّرةُ عن الإسرافِ، والإسرافُ يكونُ في كُلِّ ما زاد عن حاجةِ الإنسانِ، ولو كان ذلك في استِعمالِ الماءِ في الغُسلِ أو الوُضوءِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَغتسِلُ بالصَّاعِ، أو بخَمْسةِ أمْدَادٍ، ويَتوضَّأُ بالمُدِّ، والصَّاعُ كَيلٌ يَسَعُ أربعةَ أمْدادٍ، أو ثَمانيةَ أرْطالٍ، والرِّطْلُ بالمقاديرِ الحديثةِ؛ قيل: إنَّه حَوالَي 380 جِرامًا، أي: أقلَّ مِن نِصفِ لِترٍ، وقيل: إنَّه يَزِنُ 538 جرامًا، أي: أكثرَ مِن نِصفِ لِترٍ قليلًا، والمُدُّ يَعدِلُ رُبُعَ الصَّاعِ، وقيل: مِقدارُه رِطْل وثُلُثٌ، وقيل: رِطْلَانِ، وهو مِقْدارُ ما يَمْلَأُ الكفَّينِ.وهذا إخبارٌ عن القَدْرِ الذى كان يَكْفِيهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا أنَّه لا يَجوزُ ما زادَ على ذلك، وإنَّما يَختلِفُ الناسُ في ذلك؛ فمِن الناسِ مَن لا يَستطيعُ تَحقيقَ الوضوءِ والغُسلِ على وجْهِه إلَّا بأكثرَ مِن ذلك، ولكنْ يَنبغي على كلِّ حالٍ عدَمُ الإسرافِ في الماء.
وهذا مِنْ حُسْنِ اسْتِخدامِ المواردِ، وتَعظيمِ الفائدةِ منها بحُسْنِ التَّصرُّفِ فيها بقَدْرِ الحاجةِ.
صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.