مقالات
مصر الحديثه وزمن الجفاف
بقلم : على امبابى
بإعلان الرئيس السيسى افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة، بمثابة ميلاد دولة جديدة
تحتاج الدول للإصلاح وإعادة البناء، عند تعرضها لصدمات شديدة كالكساد الاقتصادي
صدمة حضارية، حروب..
فنجد إصلاحات محمد على لبناء مصر الحديثة، نتيجة فساد المماليك والصدمة الحضارية
للمجتمع المصرى جراء حملة نابليون!
الدول الأوروبية نشأت نتيجة الحاجة للحروب، وكذلك أمريكا أثر الحروب الأهلية وحربين عالميتين
المحصلة إعادة البناء والإصلاحات المشترك فيها رؤية القيادة لإدارة الدولة، وتعاون وتفهم الشعب ومؤسسات الإدارة لمُنفذات الرؤية أو على الأقل عدم إعاقتها.
بداية الجمهورية الجديدة الحقيقية بعدما أفسدت مصر مخطط الربيع العربي
عقب ثورة 25 يناير وتفسخ الشكل والتأثير السياسى للإخوان، واستلام دولة اجتهد النظام السابق لتصالب أودها
ببنية تحتية متهرئة للبشر والمكان، مع تضخم مؤثر ومطامع دولية بسيناء
وطابور خامس لا يهدأ، وتصاعد أزمة سد النهضة بصمت، فكان الخيار إما التركيز داخليا
واستمرار لعبة الإفراط والتفريط لحفظ الوجود مُكبلين
أو الخيار الأصعب بانتزاع جدارة مصر لمركز عالمى بحجمها وإمكانياتها الحقيقية
وإجبار الآخرين لتغيير خطط اللعب الدولى برمتها.
المحصلة الإيجابية نجاح قيادة 30/6 بإعادة تصميم الصورة الذهنية لمصر داخليا وخارجيا
عسكريا واقتصاديا وتنمويا وسياسيا، لدرجة تنتزع تدريجيا مركزها الدولي.
إطلاق العاصمة الإدارية الجديدة 2015، كان النبت المادى لتشكيل مفهوم الدولة الجديدة
كرؤية، استراتيجية الحكم والإدارة، التقنية، التنظيم، الخدمات، حركة الاستثمار والعمران، الانضباط، الوعي، الثقافة.
بقى المواطن كأهم وأخطر مكون للدولة، يحتاج المواطن المصرى لإعادة بناء لقيمه
ومفاهيمه بما يُترجم بسلوكياته وتعامله مع الآخر، ورغم تأخر موقع تطوير الإنسان بخطة بناء الجمهورية الجديدة
إلا أن التراكمات السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية، تتحكم جينيا بالمصرى
وبمنظومة تحليله والتصدى بالتقييم والتصحيح لقيمه ومفاهيمه.
ولا شك أن بناء دولة وجمهورية جديدة لحكم وإدارة الإنسان المصري، يحتاجا لعلاج وتنقية ملفات الإخوان
والدولة الدينية ونكسة الإعلام وارتجاليات الإدارة والقرار بالمؤسسات، لتبدأ الدولة المصرية الوسطية المعاصره لا دينية ولا علمانية .
فهل ستبقى مصر وجودا يانعا، يسمح لها باستكمال منظومة دولتها وجمهوريتها الجديدة؟
أم يُنفذ تهديد إثيوبيا بتجريفها بعد 20 سنة؟.
غير منطقى إعلان ميلاد الدولة الجديدة بزمن الجفاف ، اللهم إن كان هناك ترتيبات أعلى من المعلومات المتاحة للخاصة وخاصة الخاصة، تضمن وتأمّن الاطمئنان لاستمرار الوجود للدولة الجديدة.. احتياج مصر لدولة جديدة وجمهورية ثانية، سيكون محّكّه تجاوز أزمة سد النهضة. وسيكون بعلاج أو تجاوز أو حل الأزمة، شرعية وطنية وعالمية جديدة تتجاوز شرعية 30/6، لأنها شرعية وجود مصر لا نظام حكم. أحاط بأزمة سد النهضة ضباب سياسى وإعلامى غير مفهوم للآن ، ولكنه انتقل للإعلام السلبى وتشتيت الشعب بحقيقة وأبعاد الكارثة. النتيجة انفراط الوعى بين إعلان ضرب السد والانخراط بحرب عالمية محدودة، تهدد استثمارات بالمليارت وعودة مصر للمربع صفر. وبين اراء النقد والتقريع للحكومات السابقة المفاوضة لملء السد، بدون حلول جذرية، وبين استمرار مفاوضات عنيفة لتعديل اتفاقيات حاولتها مصر، وإساءت معها إثيوبيا استخدام حقها لإدارة مياهها، وبين مفاوضات جانبية لحلول بمزايا أبدية لإثيوبيا ومن يقويها، بالبحر الأحمر ومد مياه النيل لهناك .
خطورة سد الأزمة؛ نجاح المُحرض بالتآخى والتطبيع مع بعض منابع الدعم المالى شرقا، ليستثمر ازدواجية الخطر، من قرارنا الخاطئ سواء بالحرب وتأجيل الجمهورية الجديدة وأحلام مصر بالعالمية، أو بالرضوخ وإدارة مصر الحالية بسياسة الحنفية.
إدارة أزمة سد النهضة تحتاج لإعادة تقديم ملف الأزمة، بحلول ناجعة لتنفيذها بالجيش، مثل؛ إعادة الضغط بتدويل منطقة السد بفرض قوات حفظ السلام الدولية، خاصة إذا كانت أرض مصرية/سودانية قديمة، مع لوبى دولى لتأمين تحديد مسئولية الدفاع الشرعي، وسرعة تفعيل استكمال تنمية نهر الكونغو، مع حلول هندسية فنية مع السودان.
الحصان المصرى العربى مؤهلا لقفز سد نهضته، وآن الوقت لتشكيل مجلس الأزمة، للوصول لبر الأمان .