العزلة في وقت إنتشار الفتن
حديث الصباح
أشرف عمر
المنصورة
العزلة في وقت إنتشار الفتن
عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم .إِذْ ذَكَرُوا الْفِتْنَةَ أَوْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ :
*{ إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ .قَالَ : الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ .وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ }.*
رواه عبد الله بن عمرو، وإبن ماجه، وأبو داود، وصححه الالباني في صحيح الجامع
كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم يُعلِّمُ أصحابَه رضيَ الله عَنهم كيفَ يَعرِفو الفِتنَ وكيفَ يكونُ حالُهم فيها
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رضيَ الله عَنهما بَينَما نحنُ حولَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم إذ ذَكرَ الفِتنةَ
فقالَ إذا رَأيتُم الناسَ قد مرَجتْ عُهودُهم
أي ظَهرَ فيهِم وانتشَرَ فسادُ العَهدِ ولم يُوفُوا به
والفِتنةُ هي اختِلاطُ الحقِّ بالباطلِ فلا يُعرَف أهلُ الحقِّ مِن أهلِ الباطلِ وخفت أَماناتُهم”، أي: قلَّتْ بَينهمُ الأَمانةُ.
فأصبَحَ لا يُعرَف بها في ذلك الزمنِ إلا قليلٌ. “وكانوا هَكذا- وشبَّكَ بينَ أصابِعه-“، أي: خَلَطوا فلا يُميَّز فيهم الطيِّبُ من الخبيثِ والمؤمنُ مِن المنافقِ .قال ابنُ عَمرٍو: “فقمتُ إليه”، أي: إلى النبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم، فقلتُ: “كيفَ أفعلُ عندَ ذلكَ! جعلَنِي اللهُ فِداكَ؟”، أي: ما العملُ عندَ ظُهورِ هذا الزمنِ .قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: “الزَمْ بَيتَكَ”، أي: كنْ في بيتِكَ أكثرَ أوقاتِكَ فلا تَخرُجْ إلا لحاجةٍ، “وامْلِكْ عليكَ لِسانَكَ”، أي: ولا تتكلَّمْ فيما يحلُّ بالناسِ ويَنتشِرُ فيهِم حتي يَتركُوكَ وشأنَكَ .
فلا تَدخُلْ في الفِتنةِ بقَولٍ أو فعلٍ
وخُذْ بما تَعرِفُ ودَعْ ما تُنكِرُ أي اقبَلْ بما هوَ حقٌّ واترُكْ ما هو باطلٌ
وعلَيكَ بأمرِ خاصَّةِ نفسِكَ، ودَعْ عنكَ أمرَ العامَّةِ”، أي: الزَمْ نفسَكَ وأحوالَها وقومَها ولا تَنشغِلْ بما يحلُّ بالناسِ ويحدُثُ فيهِم، وهذا تأكيدٌ ومَزيدُ خلاصٍ من الفتنةِ.