الدين والدولة
الدين والدولة:
بقلم / غسان صالح
إن الدولة مسألة مركبة معقدة يدخل فيها علم الإقتصاد وعلم المال وعلم القانون وعلم السياسة والإجتماع والحرب والزراعة والصناعة وسائر انواع العلوم الوضعية، كما تقتضي الدولة تنظيم الدوائر والحياة السياسية وجيش واجهزة الخ..وكل هذه الامور تتطور وتتبدل، فهل كلها منصوص عنها في الدين، فهل الدولة لكل شعبها ، فهل تقبل الدولة الإسلامية او المسيحية أن تكون دولة عالمية يكون حاكمها تركيا أووباكستانيا او روسيا مسلما .. الخ وهل تقبل الدولة المسيحية أن يرأسها بابا الفاتيكان او اي بابا آخر ..
ففي بلادنا لا يمكن قياد دولة دينية ، لأن شعبنا ليس على دين واحد ، وقد ثبت تاريخيا أن الدولة الدينية لم تكن الحل الدائم والمثالي، وإن ارتباط الدولة بالدين يضيع استقلال البلاد وسيادتها لأن رجل الدين الذي يقف على رأس الدولة سوف يتأثر بمرجعه الديني سواء كان مسلما أو مسيحيا.ويتأثر بقرارات وتوجيهات مرجعه…
لقد شهد تاريخ الإسلام والمسيحية دولا تقوم ثم تسقط ، وتقاتلت هذه الدول مع بعضها سواء كانت إسلامية مع دولة إسلامية أخرى او مسيحية مع دولة مسيحية اخرى..اين هو الدين من ذاك؟
ثم إن الدولة احيانا تمارس الفساد والظلم فهل يكون الدين مسؤولا عن ذلك، وهل يتحمل الدين مسؤولية هذا الفساد والظلم.
هل ظلم الدولة العثمانية واحتلالها لأرضنا هو شرع إلهي مثلا ، فلماذا قاوم شعبنا هذا الاحتلال وقدم آلاف الشهداء..فهل كان المقاومون خارجين على الدين وعلى الشريعة الإسلامية.. وهل كان على المسيحيين في بلادنا ان يقفوا مع فرنسا لأنها دولةمسيحية ..وهم الذين قدموا كل شيء لتحرير بلدهم..
إن الخلافات التاريخية بين الأديان ، وضمن كل دين ومذهب تجعل من الضروري قيام الدولة المدنية والمجتمع ، فلنرفع الدين والله عن امور الدولة والحكم ليبقى الدين منزها ومعصوما عن مفاسد الدولة وظلمها.. وإزالة الحواجز النفسية والشرائعية من داخل المجتمع وبناء المجتمع الواحد المتماسك..ليتساوى الجميع بالحقوق والواجبات وليتفرغ الجميع لبناء الدولة والدفاع عنها لأن مصلحة الفرد تتحقق مع مصلحة الدولة وسلامته من سلامة دولته..