مقالات
أشباه الرجال
لمياء ادريس
نرى أحيانًا ذلك الشاب الذي بلغ من العمر الحادي والعشرين ويدرس في الجامعة، ولكن بسبب نشأته التربوية غير السليمة لا يستطيع تحمل أي مسئولية فلا يقوم بحضور المحاضرات ولا المواظبة على إتمام واجباته.
وأما عن الاختبارات فيخترع كافة الطرق للغش فيها، وهو نفسه ذلك الشاب الذي يعمل ولا يمكنه إنهاء مهامه في العمل فيتنقل بين وظائف عدة باحثًا عن أبسط الوظائف مهامًا.
وعندما يتزوج لا يقدر على تحمل مسئوليات بيته وزوجته وأطفاله، فكم عدد النساء اليوم التي تعمل من أجل نفقة أولادها رغم مكوث زوجها في المنزل سليم البدن.
ولكن التساؤل هنا الذي نطرحه عندما نرى هؤلاء الرجال أو أشباه الرجال .. كيف لهم أن يصبحوا على تلك الشاكلة؟!
كيف نؤدب أطفالنا في الصغر ليصبحوا رجالاً في الكبر؟
مشاكل عدة نشهدها بأم أعيننا في أناس شاخوا ولم يستطيعوا تغييرها وبالأصح هي أخلاقيات سيئة ترسخت بهم فنجم عنها مشكلات تظهر لمن يتعاملون معهم.
فنرى أحيانًا ذلك الشاب الذي بلغ من العمر الحادي والعشرين ويدرس في الجامعة، ولكن بسبب نشأته التربوية غير السليمة لا يستطيع تحمل أي مسئولية فلا يقوم بحضور المحاضرات ولا المواظبة على إتمام واجباته. وأما عن الاختبارات فيخترع كافة الطرق للغش فيها، وهو نفسه ذلك الشاب الذي يعمل و لا يمكنه إنهاء مهامه في العمل فيتنقل بين وظائف عدة باحثًا عن أبسط الوظائف مهامًا.
وعندما يتزوج لا يقدر على تحمل مسئوليات بيته وزوجته وأطفاله، فكم عدد النساء اليوم التي تعمل من أجل نفقة أولادها رغم مكوث زوجها في المنزل سليم البدن إلا أنه لا رغبة له في أن يرهقه أحد! ويقبل بمنتهى الأريحية أن يجلس في البيت بينما زوجته تشقى بالنهار حتى تطعم أولادها وتتمكن من تعليمهم.
ولكن التساؤل هنا الذي نطرحه عندما نرى هؤلاء الرجال أو أشباه الرجال .. كيف لهم أن يصبحوا على تلك الشاكلة؟!
الأسرة أولاً:
إذا أمعنا النظر والتفكير سنجد أن النقطة الأساسية في ذلك الموضوع الذي نناقشه يقع على عاتق الأسرة أي الوالدين بالأخص فهم اللبنة الأولى التي استقبلت ذلك الطفل الذي صار شابًا اليوم.
فربما كانت والدته تقوم بكافة الأعمال المنزلية وإذا قال لها أمي أريد أن ساعدك في المطبخ؟ تصرخ بوجهه أي مساعدة هذه؟! أريد أن أنتهي من تلك الأعمال سريعًا ولا أريد أي عطل يضيع علي اليوم، فيوم بعد يوم يجلس الطفل وكل متطلباته تنفذ فيجد من يطعمه ويكسوه وينظف غرفته ويستمر النمط هكذا حتى يصير شابًا.
وربما هي الأم التي تجلس مع الطفل دومًا فلا تسمح له بالتعبير عن رأيه والدفاع عن نفسه في أي موقف يزعجه، فتكون هي خط الدفاع الأول والأخير لطفلها.
وربما هو الوالد الذي ينهر ابنه دائما إذا أخطأ في أي مهمة وَكَّلها له فينهره بغضب شديد “أنت دائما هكذا غير متحمل للمسئولية ولا نستطيع الاعتماد عليك، يا لك من إنسان غبي فاشل” وهنا تطمث روح الابن تجاه أي مبادرة كان يتوقع أن يفعلها في المستقبل فقد لصقت الوصمة به.
علينا أن ننتبه!
خلال رحلة تربيتنا لأولادنا نحن لا نُعد فقط شباب للغد وكفى بل نُعد رجال يجب أن يكونوا قوامون على المسئوليات التي توكل لهم وكلما حدث التدريب في الصغر على خُلقٍ ما؛ كلما سهل أن يتكون عند الطفل هذا الخلق النبيل. عندما يصبح رجلا فلا يبذل جهد كبير ليكتسب صفة ما.
يقول “ابن مسكويه” في كتاب تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراف “إن مراتب الناس في قبول الأداب التي سميناها خلقًا والمسارعة إلى تعلمها والحرص عليها كثيرة وهي تشاهد وتعاين فيهم وخاصة عند الأطفال، فإن أخلاقهم تظهر فيهم منذ بدء نشأتهم، ولا يسترونها بروية ولا فكر كما يفعل الرجل التام الذي انتهي في نشئه وكماله إلى حيث يعرف من نفسه ما يستقبح منه، فيخفيه بضروب من الحيل، والأفعال المضادة لما في طبعه.
وأنت تتأمل في أخلاق الصبيان واستعدادهم لقبول الأدب أو نفورهم عنه، أو ما يظهر في بعضهم من القحة وفي بعضهم من الحياء. وكذلك ما ترى فيهم من الجود، والبخل والرحمة والقسوة والحسد وضده.”
ويقول أيضاً:
” وإذا أهملت الطباع ولم ترض بالتأديب والتقويم نشأ كل إنسان على سوء طباعه وبقي عمره كله على الحال التي كان عليها في الطفولة وتبع ما وافقه في الطباع إما الغضب وإما اللذة وإما الذعارة (سوء الخلق) وإما غير ذلك من الطباع المذمومة!
فما يذكره ابن مسكويه في السابق هو ما قصدناه في حديثنا فالأخلاق التي ينشأ عليها الأطفال في الصغر يصير عليها بشكل كبير في الكبر وكلما لاقى الطفل قدرًا من التهذيب والتأديب كلما كان له نصيب أكبر من الخُلق الحسن.
فعلى الوالدين أن يتعلموا الأساليب التربوية السليمة في التعامل مع أبنائهم. لا يكون همهم الإنجاب فقط، فما أكثر الأجيال المشوهة اليوم. تلك الأساليب على أساسها تتضح الطرق التربوية الصحيحة في التعامل مع أطفالهم وبذلك يمكننا تجنب تكون كثير من الطباع السيئة التي ستترسخ بداخل الطفل إن لم يؤدب ويتعود على الفضائل منذ صغره.
النساء مصانع الرجال .. نظرة أمل
كلمة أخيرة لكل أم ولكل فتاة ستصير أم في المستقبل حقًا لا تستخفوا بدوركم العظيم داخل البيوت؛ فلقد شغلنا العالم المادي وأوهمنا أن تحقيق الذات في الخارج حيث نتحرر من تلك القيود التقليدية التي فرضت علينا وبتنا نتخبط في السعي وراء إثبات أننا قادرون على التحدي ونسينا الإعداد الحقيقي، الإعداد الذي يمكن أن يخرج منكن أجيالا تنير الضروب لغيرها ولنا في أمهات العلماء خير مثال وهناك مئات القصص التي تسرد لنا كيف استطاعت الأم في سياق إيمانها بدورها أن تنشأ رجالاً مدافعون عن الحق وناشرون للعلم والمعرفة، رجال صنعوا لنا التاريخ.
فالحاضر بين يديك والتاريخ ينتظرك.