سترنا الله وإياكم في الدنيــا والآخرة
بقلم: محمـد فرغلي
الستير سبحانه هو الذي يحب الستر ويبغض القبائح ، ويأمر بستر العورات ويبغض الفضائح ، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مجاهرين ، ويغفر الذنوب مهما عَظُمَت طالما أن عبده من الموحدين ، وإذا ستر الله عبدًا في الدنيا ستره يوم القيامة ..
المعنى اللغوي للاسم :
الستير في اللغة على وزن فعِيل من صيغ المبالغة ، فعله ستر الشيء يَسْتُرُه سَترًا : أَخفاه .. والستير :
هو الذي من شأْنه حب الستر والصَّوْن والحياء .. والسُّتْرةُ : ما يُستَر به كائنًا ما كان ، وكذا السِّتَارة والجمع السَّتَائِرُ ، وسَتَر الشيء غطاه .. وتَسَتَّر ، أي: تغطى .. ورجلُ مستور وسَتِيرٌ، أي : عَفيف ، والجارية : سَتِيرة .
ورود الاسم في السُّنَّة النبوية :
لم يرد الاسم في القرآن الكريم ، لكنه ورد في الحديث عن عطاء عن يعلى : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز (أي: بالخلاء) فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : ” إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ”
معنى الستيـــر في حق الله تعالى :
يقول ابن الأثير : ” ستيــر : فعيل بمعنى فاعل ، أي : من شأنه وإرادته حبُّ السَّتر والصون ” .
ويقول البيهقي : ” ستيــر : يعني أنه ساتِرٌ يستر على عباده كثيرًا ، ولا يفضحهم في المشاهد ، كذلك يحبُّ من عباده السَّتر على أنفسهم ، واجتناب ما يَشينهم ، والله أعلم ” .
قال المناوي : ” ستيــر ، أي : تاركٌ لحب القبائح ، ساتر للعيوب والفضائح ” .
قال ابن القيم :
وهو الحَيِيُّ فَلَيسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ … عندَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بالعِصْيَانِ
لَكِنَّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ … فَهْوَ السَّتِيرُ وصَاحِبُ الغُفْرَانِ
آثــار الإيمان باسم الله تعالى الستيــر :
قال تعالى : ” .. وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ..
قال مقاتل : ” أن الظاهرة الإسلام ، والباطنة ما ستره الله من المعاصي ..
فمن أعظم نِعَم الله تعالى عليك : أن يشملك بستره .
فالله سبحانه وتعالى سِتيرٌ يحبُّ السَّتر والصَّون ، فيستر على عباده الكثير من الذنوب والعيوب ، ويكره القبائح والفضائح والمجاهرة بها .
وقد أمر تبارك وتعالى بالسَّتر ، وكره المفاخرة بالمعصية ، أو مجرد محبة ذكرها وشياعها بين المؤمنين .. يقول الله جلَّ وعلا : ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ “…
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المُجاهر بالمعاصي لا يُعافى منها .. فقال : ”
كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ “…
قال الكرماني : ” ومُحَصَّل الكلام : أن كلُّ واحدٍ من الأمة يُعفى من ذنبه ، ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المُعْلِن…
الفرق بين الستر والغفران :
قال أبو البقاء الكفوي : ” الغفران : يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثواب ولا يستحقه إلا المؤمن ولا يستعمل إلا من الباري تعالى ” .. لذلك يقول تعالى : “.. وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ .. “..
والغفران في الآخرة فقط .. والستر : أخص من الغفران ، إذ يجوز أن يستر ولا يغفر “..
حظ المؤمن من اسم الله تعالى الستيـــر :
كيف تفوز بستر الله تعالى عليك ؟
إليـــك بعض أسبــاب الفوز بستر الله تعالى عليك :
1) الإخلاص واجتناب الريـــاء :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ “…
2) عدم المجاهرة بالذنب والستر على نفسه :
فلو ستر نفسه ، لكان في محل ستر الله تبارك وتعالى له .. فليس عندنا كرسي اعتراف ولا صناديق غفران ، فمن اقترف ذنبًا وهتك سترًا فليبادر بالتوبة من قريب والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وتأخير التوبة ذنب يجب التوبة منه .
عَنْ مَيْمُوْنٍ قَالَ : ” مَنْ أَسَاءَ سِرّاً ، فَلْيَتُبْ سِرّاً ، وَمَنْ أَسَاءَ عَلاَنِيَةً ، فَلْيَتُبْ عَلاَنِيَةً .. فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُوْنَ وَلاَ يَغْفِرُوْنَ ، وَالله يَغْفِرُ وَلاَ يُعَيِّرُ “…
وعن العلاء بن بذر قال : ” لا يعذب الله قومًا يسترون الذنوب ” وعن عثمان بن أبي سودة قال : لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر الله ، قيل : وكيف يهتك ستر الله ؟ قال : يعمل الرجل الذنب فيستره الله عليه فيذيعه في الناس .
قالَ ابن بَطّال : ” فِي الجَهر بِالمَعصِيَةِ استِخفاف بِحَقِّ الله ورَسُوله وبِصالِحِي المُؤمِنِينَ ، وفِيهِ ضَرب مِنَ العِناد لَهُم ، وفِي السِّتر بِها السَّلامَة مِنَ الاستِخفاف ، لأَنَّ المَعاصِي تُذِلّ أَهلها ، ومِن إِقامَة الحَدّ عَلَيهِ إِن كانَ فِيهِ حَدّ ومَن التَّعزِير إِن لَم يُوجِب حَدًّا ، وإِذا تَمَحَّضَ حَقّ الله فَهُو أَكرَم الأَكرَمِينَ ورَحمَته سَبَقَت غَضَبه ، فَلِذَلِكَ إِذا سَتَرَهُ فِي الدُّنيا لَم يَفضَحهُ فِي الآخِرَة ، والَّذِي يُجاهِر يَفُوتهُ جَمِيع ذَلِكَ ..
فإذا وقع العبد في معصية ثمَّ تاب منها دون أن يجهَر بها ، ستره الله في الدنيا والآخرة ..
عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ ، فَيَقُولُ : أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، أَيْ رَبِّ .. حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ ، الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ ” هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ “..
3) الاستغفار والإكثـــار من العبادات :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، قَالَ : وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ ، قَالَ : وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ ، قَالَ ” أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا ؟ ” قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ ” فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ حَدَّكَ “…
فالأصل أن تستر على نفسك إذا وقعت في ذنبٍ ما ، وعليك أن تُكْثِر من الصلاة ومن العبادات والاستغفار وتُجدد توبتك .
4) أن تستر على أخيـــك المسلم :
فإن الجزاء من جنس العمل .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا ، إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ” ..
عن علام بن مسقين قال : سأل رجل الحسن فقال : يا أبا سعيد ، رجل عَلِمَ من رجل شيئًا ، أيفشي عليه ؟ قال : يا سبحان الله ! لا .
ومن الستر : تغطية المسلم لعيوب أخيه .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” .. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ”
يقول ابن حجر : ” قَوله : ” ومَن سَتَرَ مُسلِمًا ” أَي رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ فَلَم يُظهِرهُ أَي لِلنّاسِ ، ولَيسَ فِي هَذا ما يَقتَضِي تَرك الإِنكار عَلَيهِ فِيما بَينَهُ وبَينَهُ .
ويُحمَلُ الأَمرُ فِي جَوازِ الشَّهادَةِ عَلَيهِ بِذَلِكَ عَلَى ما إِذا أَنكَرَ عَلَيهِ ونَصَحَهُ فَلَم يَنتَهِ عَن قَبِيحِ فِعلِهُ ثُمَّ جاهَرَ بِهِ .. كَما أَنَّهُ مَأمُورٌ بِأَن يَستَتِرَ إِذا وقَعَ مِنهُ شَيء ، فَلَو تَوجَّهَ إِلَى الحاكِمِ وأَقَرَّ لَم يَمتَنِع ذَلِكَ والَّذِي يَظهَرُ أَنَّ السَّترَ مَحَلّه فِي مَعصِيَةٍ قَد انقَضَت ، والإِنكارَ فِي مَعصِيَةٍ قَد حَصَلَ التَّلَبُّس بِها فَيَجِبُ الإِنكارُ عَلَيهِ وإِلاَّ رَفَعَهُ إِلَى الحاكِمِ ، ولَيسَ مِنَ الغِيبَةِ المُحَرَّمَةِ بَل مِنَ النَّصِيحَةِ الواجِبَةِ ، وفِيهِ إِشارَةٌ إِلَى تَركِ الغِيبَةِ لأَنَّ مَن أَظهَرَ مَساوِئَ أَخِيهِ لَم يَستُرهُ “..
واعلم أنَّ النَّاس على ضربين : أحدهما : من كان مستوراً لا يُعرف بشيءٍ مِنَ المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوةٌ ، أو زلَّةٌ ، فإنَّه لا يجوزُ كشفها ، ولا هتكُها ، ولا التَّحدُّث بها ، لأنَّ ذلك غيبةٌ محرَّمة .. وهذا هو الذي وردت فيه النُّصوصُ ، وفي ذلك قد قال الله تعالى : ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ”
والمراد : إشاعةُ الفَاحِشَةِ على المؤمن المستتر فيما وقع منه ، أو اتُّهِمَ به وهو بريء منه ، كما في قصَّة الإفك .
والثاني : من كان مشتهراً بالمعاصي ، معلناً بها لا يُبالي بما ارتكبَ منها ، ولا بما قيل له فهذا هو الفاجرُ المُعلِنُ ، وليس له غيبة .. كما نصَّ على ذلك الحسنُ البصريُّ وغيره ، ومثلُ هذا لا بأس بالبحث عن أمره ؛ لِتُقامَ عليه الحدودُ .. ومثلُ هذا لا يُشفَعُ له إذا أُخِذَ ، ولو لم يبلغِ السُّلطان ، بل يُترك حتّى يُقامَ عليه الحدُّ لينكفَّ شرُّه ، ويرتدعَ به أمثالُه .
قال مالك : من لم يُعْرَفْ منه أذى للناس ، وإنَّما كانت منه زلَّةٌ ، فلا بأس أنْ يُشفع له ما لم يبلغ الإمام .. وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ أو فسادٍ فلا أحبُّ أنْ يشفعَ له أحدٌ ولكن يترك حتى يُقام عليه الحدّ..
ومن الستر على المسلم : أن لا تنعت المرأة امرأة أخرى لزوجها .. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ”
وهذا للأسف ينتشر بين المسلمات حتى المتدينات منهن ، وينبغي أن لا تصف المرأة امرأة أخرى لزوجها .
5) عدم تتبع عورات المسلمين :
عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ..
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته “..
6) الصدقـــة :
فالصدقة من أسباب الستر وأن يحجبك الله تعالى عن النار ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ ”
7) ستر المسلم عند تغسيله :
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” من غسل ميتًا فستره ، ستره الله من الذنوب ، ومن كفنه ، كساه الله من السندس “..
9) كظم الغيظ والغضب :
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “..
ومن كف غضبه ستر الله عورته .. .
10) الدعـــاء :
عن ابن عمر قال : لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح : ” اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي “..
11) حُسن الظن بالله :
فمن جملة الخير أن يُحسن العبد ظنه بربِّه ويُحسن الظن بأنه سيستره في الدنيا والآخرة، فالله جلَّ في علاه هو الستيـــر يحب الستر على عباده ويسترهم في الدنيا والآخرة .. يقول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي : “أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر..
12) الإحســان إلى البنــات :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : ” مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ ” ..
13) تأدية حق الله في المال :
فإذا أديت حق الله في مالك ، سترك الله .. أما إذا لم تؤد حق الله في مالك ، نالتك العقوبة .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” قَالَ الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ ؛ هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ .. فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ ..” ..
14) عدم التسميع بالفواحش :
فلا يجوز إشاعة الفاحشة بين المؤمنين .. عن شبيل بن عوف قال : ” كان يقال : مَنْ سمَّع بفاحشة فأفشاها فهو فيها كالذى أبداها ”
فالذي ينشر أخبار المعاصي ويُفشيها ، سينال وزر كل من يقع فيها بسببه حتى وإن لم يقع هو في تلك المعصية .
15) حجـــاب المرأة :
عن أبي المليح قال : دخل نسوة من أهل الشام على عائشة ، فقالت : ممن أنتن ؟ قلن : من أهل الشام ، قالت : لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات ، قلن : نعم ، قالت : أما إني سمعت رسول الله يقول : ” ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى ”
فالتي تخلع ثيابها في غير بيت أهلها ، تهتك الستر الذي أسدله الله تعالى عليها .
16) اجتنـــاب الذنوب والمعاصي :
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ”
فإذا ظلم العبد نفسه باقتراف الذنوب والمعاصي وتعدى الحدود ، فإن الله تعالى يؤاخذه بذنبه ويرفع ستره عنه .. أما أن لم يقترف تلك الذنوب ، كان في رحمة الله تعالى وسَتَرَهُ الله جلَّ وعلا .
17) الاستتــار وعدم التعري :
عن جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار .. ” [رواه الترمذي وصححه الألباني، مشكاة المصابيح] والحمامات المقصود بها كحمامات البخار وصالات الألعاب الرياضية في عصرنا ، فالأصل أن يستتر .
18) غض البصر :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ .. ”
19) عدم إفشــاء أسرار الزوجين :
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” هل منكم رجل إذ أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله ” قالوا : نعم ، قال : ” ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلت كذا فعلت كذا ” فسكتوا .. ثم أقبل على النساء فقال : ” هل منكن من تحدث ؟ ” فسكتن ..
فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله ليراها ويسمع كلامها فقالت : يا رسول الله ، إنهم ليحدثون وإنهن ليحدثن ، فقال : ” هل تدرون ما مثل ذلك ؟ إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانًا في السكة فقضى حاجته والناس ينظرون إليه ، ألا إن طيب الرجال ما ظهر ريحه ولم يظهر لونه ، ألا إن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه .. ” ..
هذه بعض أسباب الفوز بستر الله جلَّ وعلا عليك .. ومن يشمله بستره ، فقد فاز بمحبة الله عزَّ وجلَّ .. سترنا الله وإياكم في الدنيــا والآخرة .