بعد أن رجع مرزوق من رحلته السنويه وهو خائف ويرتجف . وعند وصوله الي القنطره وهي موقف العربيات علي مشارف قريته صرد.

نظر حوله يمين وشمال . ولم يجد أحد ولكنه وجد كشك الحاج عبدالعزيز لطف وإقترب منه ونظر داخل الكشك ووجد الحاج عبدالعزيز جالس هو وزوجته ام كرم داخل الكشك التي مساحته لاتتعدي متر في متر ولكن هو مصدر رزقهم ويجدون السعاده فيما بينهم في هذا المكان وأمامهم المنقل وهو وعاء مصنوع من الفخار مخصص للنار وبه القوالح والنار مسكرجه . والجوزه ( الشيشه ) بيده.

قال مرزوق السلام عليكم ياعم عبدالعزيز .

رد عليه السلام وقال له جاي منين يامرزوق يابني في الوقت المتأخر ده لوحدك .

قال له كنت مسافر عند عمي ونزلت من القطار عند حوين ولكني لم أجد عربيه وجئت ماشي علي رجولي . وقص عليه مرزوق ماذا جرئ له بعد نزوله من القطار وكيف أصابه الهلع والفزع مما جري.

علي الفور قام الحاج عبدالعزيز بفتح باب الكشك التحتي وقال له تعالي يامرزوق ياولدي ادخل وخذ نفسك وإستريح لقد نجاك الله في هذه الليله

إمك بتحبك وقال لزوجته الله يعافيكي ياأم كرم إعملي كبايه ماء بسكر لمرزوق خليه يروق شويه.

وبعد أن هداء مرزوق شكر الحاج عبدالعزيز وزوجته علي واجب الضيافه وإستاذن منهم ليكمل مسيرته لذهاب لبيته داخل القريه من علي ترعه السماحات . وفعلا وصل مرزوق الي بيته وإستقبله أهل بيته بحب وسعاده وترحاب وهناءه أبوه وأمه وأخوته علي سلامه الوصول لهم بعد فتره غياب

كان البيت ماله حس بدونه .

وأحضرت له إمه العشاء . وقال له أبوه نام بقي يامرزوق يابني علشان انت جاي تعبان لكن قبل ماتنام إتوضأ وصلي ركعتين لله وبكره إحكي لنا عملت أيه في رحلتك وعن أخبار عمك وأهل بيته.

وفعلاً قام مرزوق بعد أن قَبل رأس إمه وأبيه ودخل غرفته وحمد الله أنه وصل بالسلامه ونام ولم يدري بنفسه إلا مع صوت الشيخ عبدالله بيأذن للفجر . وقام من فراشه مسرعً وتوضأ وتوجه مع أبيه وأخوانه ناحيه زوايه العجمي للصلاه .

وصلي مرزوق مع الجماعه وبعد الصلاه قام بالسلام علي إمام المسجد الشيخ عزب عليه رحمه الله وعلي جميع جيرانه وأقاربه ممن تواجدوا بالمسجد

ورجع مرزوق لبيته وأكمل نومه وبالصباح جاءت أمه وصحاته من النوم ليتناول وجبه الإفطار مع أبيه وأخوته وأفطروا جميعاً ولكن لاحظ مرزوق شحوب وجه إخته الكبري عزيزه وإختفاء ضحتكه الجميله فأيقن مرزوق أنه يوجد شيئ ليس علي مايرام .

وتوجه نحو إخته عزيزه وسألها عن أحوالها وعن سبب تواجدها في بيت أبوها خاصه أنها متزوجه في القري المجاوره ولم ترزق من زوجها باأولاد حتي الأن . وسألها عن حالها وأحوالها مع زوجها خاصه أنه يعرف أن زوجها ميسور الحال إلا أنه شحيح النفقه . فردت باإنكسار الحمد لله ولكن ليس كعادتها.

فقال لها شكلك مهمومه جامد ياعزيزه ياأختي

لكن كل مشكله وله حل . لكن عرفيني فيه أيه لكي أقدر أساعدك لأن مأقدر أتحمل أشوفك بالشكل ده.

وتدخل إخوتها جميعاً بالحديث لمعرفه المشكله .

لكنّها رفضت أن تحكي لهم، وبعد إلحاح وإصرار منهم لمعرفة ما هي المشكلة التي جعلتها مهمومة مكسورة الخاطر، فحكت لهم عن بخل زوجها وشحّه، وأنّها من يوم زواجها منه لم تذق شيء غير العدس. بالرغم أنّه ميسور الحال إلا أنّه شحيح النفقة ولا يعرف من أصناف الطعام إلا صنف واحد (العدس) ثلاث وجبات في اليوم على مدار الأسبوع والشهر والعام مره عدس أحمر ومره عدس أبوجبه أصناف وألوان عديده ولكنها في النهايه عدس في عدس .وصبرت عليه كثيراً جداً وروت لهم صبرها ، فقدت صبرت زوجته عليه مدة كبيرة من الزمن، إلا أنّها من حين للآخر تحدّثه فى الأمر، وتطلب منه أن يأتيها مرة بلحم أو دجاج .أو كرشه ولا كوارع أو أي شيء غير العدس لأنّها أصبحت لا تطيقه وتفضّل الجوع على أكله، لكنّه كان يرفض رفضاً قاطعاً ويذكر لها فوائد العدس ورخص ثمنه، وأنه من البقوليات المذكوره بالقرأن وفبالرغم من أن العدس يعتبر من ‫‏البقوليات،‬ غير أن الله سبحانه وتعالى خصصه لذكره بالاسم في القرآن الكريم بالرغم من أنه ذكر البقل بشكل عام في الآية الكريمة ” من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها ” البقرة، وأنه أي العدس غني بالزنك الضروري من أجل عمل البنكرياس (مفيد لمرضى السكري) والبوتاسيوم الذي تحتاجه العضلات. وحكت لهم أنها جاءت لزيارتهم مرات عديده وكانت تجد حرجاً أن تحدثهم في ذلك الآمر . لكي لاتكشف أسرار بيتها وتتسبب باإحراج لزوجها حتي لاحظ مرزوق عليه هذه المره .

*قالوا لها : دعِ الأمر لنا، كلّ ما عليك خذي هذه الحبّة المنوّمة وضعيها له فى الطعام .*

*أخذت منهم الحبّة المنوّمة وفعلت كما قالوا لها، ثم جاؤوا إلى بيتها ووجدوا زوجها راح فى سبات عميق متأثراً بمفعول الحبّة المنوّمة، فجرّدوه من ملابسه وألبسوه قطعه قماش دبلان بيضاء كالكفن ثم أخذوه إلى غرفة مظلمة وانتظروه حتى استيقظ ليجد نفسه في مكان مظلم وعليه الأكفان فظنّ أنّه مات ….*

*ثم ظهرا له اثنان من إخوة زوجته مرزوق وأخوه الكبير وهما متنكّران وعجّلانه بالسؤال

*من ربك ؟*

*فأيقن أنّه فعلاً قد مات وأنّه في تلك اللحظة يُسأل، وأجاب وهو يرتجف من الخوف بعد أن كرّرا عليه السؤال ….*

*من ربك ؟*

*قال : الله .. لا إله إلا هو وحده لا شريك له.*

*وما دينك ؟*

*قال : الإسلام*

*من الرجل الذى بعث فيكم ؟*

*قال محمّد صل الله عليه وسلّم .*

*ماذا كان طعامك فى الدنيا ؟*

*قال : العدس والله لم أذق طعاما غيره .*

*فقالا له لم تذق غير العدس، والله سبحانه وتعالى يقول : (كلوا من طيبات ما رزقناكم)، إنّ عذاب العدس أن تجلد بالسياط إلى يوم البعث، وأخرجا سوطين وانهالا عليه ضرباً بالسياط حتى أُغشي عليه، فحملوه وأعادوه إلى مكانه وألبسوه ملابسه وانصرفوا ..*

*ولمّا أفاق سأل زوجته وهو يرتجف من الخوف ويتوجّع من الألم ….*

*ألم يحدث شيء لي، ألم أمت ؟*

*قالت : لا لم يحدث شيء وها أنت ذا حيّ تُرزق*

*سأذهب لأعدّ لك فطورك، سأحضر لك العدس حالاً …*

*فصرخ قائلا : لاااااااااااا*

*إيّاك والعدس فعذابه إلى يوم البعث، سأذهب لأشتري لنا لحماً وفاكهةً فالله سبحانه وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)*.

الشاهد والعبرة من نهايه تلك الفصل من قصه مرزوق والعدس هو أن هناك حقيقه مؤكده أن

البخل حرام وهو أن الإنسان لا ينفق على المسؤولين منه من أهل بيته، كما أنه لا ينفق حتى على نفسه رغم امتلاكه الكثير من الأموال ولكنه آثر الحياة الدنيا على الآخرة وأفنى عمره كله في تجميع الأموال دون توجيهها إلى الخير من خلال إنفاقها على أهل بيته والمحتاجين.

وأن البخيل الذي عاش عمره كله في جمع الأموال، سيأتي في نهاية المطاف يوم يموت ويترك كل هذه الأموال التي أضاع عمره في تجميعها واضاع رضى الله عن في عد إنفاقها على أهل بيته والمحتاجين.

ولايفوتني هنا علي أن أؤكد أن البخل من الصفات الذميمة التي نهى الشرع عنها، قال صلى الله عليه وسلم: ..واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم.. صحيح مسلم، كما أن الكرم والجود من الصفات التي يحبها الله ورسوله، وقد وعد الله من ينفق على أهله الأجر على ذلك.

فعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.

ومن حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وحسنه الألباني.