فُيوضَاتُ نفسٍ .
فُيوضَاتُ نفسٍ .
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي .
جلستُ مع نفسي – وكثيراً ما أفعلُ – وخلوتُ بها بعيداً ، وتجاذبنا أطرافَ الحديثِ ، وسألتها أنْ تفيضَ عليَّ بكلماتٍ تعينني على تكملةِ المسيرِ ، خاصةً وقدْ طغتْ علينا الماديّةُ ، فأفقدتْ الحياةَ متعتها ، وأتتْ على القيمِ والمبادئ فأبعدتها ، ففاضتْ عليَّ بما يلي :
– حاجتكَ إلى الفقراءِ أمسُّ من حاجتهم إليكَ ؛ لأنهم يحتاجونكَ لدنياهم ، وأنتَ تحتاجهم لآخرتكَ .
– لأنَ تكونَ مُعطياً خيرٌ لكَ من أن تكونَ آخذاً ، لذا كانتْ اليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى .
– شتَّانِ بينَ أن يحترمكَ الناسُ لذاتكَ ، وأن يحترمكَ الناسُ لمالكَ ، فاحترامهم لكَ لذاتكَ موصولٌ بلا انقطاعٍ ، واحترامهم لكَ لمالكَ مرهونٌ ببقائه في يدكَ ، وبذله لهم .
– أعطاكَ اللهُ – عزَّ وجلَّ – أذنيْنِ ، ولساناً واحداً ، فانتصفْ لأذنيكَ من لسانكَ ، وكنْ مستمعاً أكثرَ من أن تكونَ متكلماً .
– زِنْ كلامكَ قبلَ أن تتلفَّظَ به ، واعلمْ أنَّ الكلمةَ إذا خرجتْ لن تعودَ ، وإذا جرحتْ فجرحها لا يلتئمُ ؛ لأنه سيكونُ بالقلبِ .
– شخصانِ لا تصلهما : مُحدّثَ نعمةٍ ، ومُنكِرَ فضلٍ ؛ لأنَّ الأولَ لم يتخلصْ من آثارِ الحرمانِ ، والثاني يقابلُ الجميلَ بالنكرانِ .
– لا تُصاحبْ عاقَّاً ، فمنْ هانَ عليه أبواه بالرغمِ من كلِّ ما قدَّماه له ، فغيرهما عليه أهونُ .
– منْ أسبغ اللهُ عليه النعمَ الفكريةَ أكثرُ حظَّاً ممنْ امتنَّ اللهُ عليه بنعمٍ ماديةٍ ؛ لأنَّ من آثارِ النعمِ الفكريةِ أنَّها تُصفِّي النفسَ ، وتُهذِّبُ الروحَ ، وترتقي بصاحبها ؛ لذا فلسانُ حالهِ يقولُ لأصحابِ النعمِ الماديةِ على كثرتها : ما آتانيَ اللهُ خيرٌ مما آتاكمْ .
– ثمَّةَ أناسٌ تبكي قلوبهم ، وإن لم تبكِ عيونهم ، فارفقْ بهم ؛ لأنَّ وجعهم أشدُّ ، وتألمهم قدْ جاوزَ الحدَّ .
– أنْ تأتيكَ الإساءةُ والخوفُ من مظانِّهما فذاكَ هيِّنٌ ؛ لأنَّه شيءٌ متوقعٌ ، ولكنَّ أكثرَ ما يؤلمكَ ، ويُكدِّرُ خاطركَ أن تأتيكَ الإساءةُ منْ مظنَّةِ الإحسانِ ، ويفاجئكَ الخوفُ من حيثُ تنتظرُ الأمانَ .
– بصحةِ الإرادةِ ، وقوةِ العزيمةِ تصلُ إلى ما تريدُ ، وبدونهما تصبحُ كباسطِ كفِّيه إلى الماءِ ليبلغَ فاه وما هو ببالغه .
– لا تأمرْ ولدكَ بما لم تفعله ، ولا تنههِ عمَّا تأتيه ؛ لأنَّه لنْ يستجيبَ لكَ من ناحيةٍ ، وستوقعه في الاضطرابِ والتناقضِ من ناحيةٍ أخرى . لذا قيلَ : إذا أردتَ أن تكونَ إمامي ، فكنْ أمامي .