عندما نمعن النظر في حقيقتنا الوجودية نجد أن البشر منهم من خلقهم الله أصحاء ومنهم مرضى ومنهم أغنياء ومنهم فقراء ومنهم مسلمين ومنهم دون ذلك ووهبهم ملكة العقل ليدركوا محاسن الأمور ويتجنبوا سفاسفها حتى يحظوا بنعيم المنعم جل وعلا إن عاشوا على الإيمان ولم يموتوا على ضده.

ومن المعلوم للقاصي والداني أن الدنيا دار فانية أعدها الله لاختبار وامتحان عباده جميعاً حتى الموت والحياة خلقهما الله ليؤديا مهمتهما في الوجود قال الله تعالى ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ).

ولا شك أن الله قد أنعم على أهل الصبر والشدائد بمعيته نصراً وجبراً ورعاية فقال الله سبحانه وتعالى ( واصبروا إن الله مع الصابرين ) وقد جعل الله لفلاح عباده طرقا يسلكونها ليظفروا به ومن هذه الطرق الصبر فقال في كتابه العزيز ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ).

وعلى أية حال فمن المعلوم أن أهل الصبر هم أهل الرضا هم أهل الجنة هم أهل الوفاء لأجورهم بغير حساب فقد قال الخالق جل جلاله ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ).

أيها المبتلى في دينك وعرضك ونفسك ومالك وذريتك لو علمت ما لك عند الله لبكيت فرحاً في الدنيا شوقاً للآخرة فلا تجزع حتى لا تندم على جزعك عند لقاء الملك فوالله لهو أرحم بك من أمك وأبيك والناس أجمعين لكنه يحبك فابتلاك فما أعظم من أن يحب الله عبده فيبتليه!.

لسنا أفضل من الأنبياء والمرسلين الذين اختبرهم الله في دعوتهم وحياتهم ومن يعولون ولكن هل جزعوا؟! لا ورب الكعبة بل صبروا على تكذيب قومهم وإيذائهم لهم حتى أتاهم نصر الله واعلم رعاك الله أنه على قدر المحنة تولد المنحة والعطية ولا أرى عطية أعظم وأجل من حب الله لك ومنحك الفردوس الأعلى إن صبرت حقاً وإن شكرت دوماً.

فيا أيها المبتلى اصبر ويا أيها الشاكر زد ويا أيها الراضي دمت في نعيم الله.

وإلى لقاء آخر إن شاء الله.