غير مصنف
إنترنت الأشياء نقطة مضيئة فى التحول الرقمي
بقلم د/ حنان عبد القادر محمد
صباحك تكنولوجيا
عَزِيزِي اَلْقَارِئ كُلّ يَوم جَديد يُصَاحِبهُ اِكْتِشَاف جَديد يُسْهِم في فَناء تِكْنُولُوجْيَا، وولادة تِكْنُولُوجْيَا جديدة أكثر تطوراً. إِنَّهَا ثَورة اَلتِّكْنُولُوجْيَا التي تَحمل العديد من التقنيات اَلرَّقْمِيَّة التي تُسَاهِم في الوصول للتحول الرقمي للمؤسسات والاستثمار في الفِكر وتغيير السلوك لإحداث تَحول جَذري في طَرِيقَة العَمل، عن طَريق دمج التقنِيات الرقمية في جَميع مجالات الأَعمال، والذي يُؤَدِّي لتَقديم قِيمة بشَكل أسَرع وأفضل لِلْعُمَلَاءِ سواء خِدمة أو مُنْتِج، وتَوفير إِمْكَانَات ضَخمة لِبِنَاء مُجْتَمَعَات فَعالة.
وَسَنَسْتَعْرِضُ اَلْيَوْم أَحد أهم هذه التقنيات وهو إنترنت الأشياء والذي يهدف تَطبيقه لإنشاء وتحسين العمليات في مختلف القِطاعات حَيث يَفرض التحول الرقمي على المؤسسات العامة والخاصة اَلتِّجَارِيَّة وَالصِّنَاعِيَّة وغيرها.. اَلِاسْتِفَادَة من إنترنت الأشياء لتَكون أكثر إدراكاً وَقُدْرَة على اَلتَّنَبُّؤ وَالْمُرُونَة في اَلْعَمَل وهي اَلسِّمَات التي سَتُمْكِنُهَا من اَلِابْتِكَار بشكل أسَرع لِتَحْقِيق اَلنَّتَائِج المَرجوة من أَعْمَالهَا.
وَيُمْكِن تَعْرِيف إنترنت الأشياء بأنه أسلوبٌ تِقْنِيّ حديثٌ متمثل في أجهزة الحَاسب الآلي اَلْمُتَرَابِطَة والآلات اَلْمِيكَانِيكِيَّة والرقمية والأشياء أو الأشخاص التي يتم تزويدها بمعلومات فَريدة وَالْقُدْرَة على نقل البيانات عبر اَلشَّبَكَة دون الحاجة للتدخل البشري، بطريقة تُمْكِن الإنسان من التحكّم بِشكل فَعَّال وسهل بالأشياء عَن قُرْب وعَن بُعد.
ويَصف إنِترنت الأشياء (IoT) شَبكة الأشياء المَادية اَلْمُضَمَّنَة بأجهزة اِستشعار وبرامج وَتِقْنِيَّات أخرى لغرض توصيل البيانات وتبادلها مع الأجهزة والأنظمة الأخرى عبر الإنترنت، فهو يُشِير إلى مليارات الأجهزة المادية حول العالم التي تتصل بالإنترنت وتقوم بجمع البيانات وَمُشَارَكَتهَا بفَضل اَلْمُعَالَجَات والشبكات اللاسلكية، حيث يُمْكِن أن يُصْبِح أي شيء به مُسْتَشْعِر جزءًا من إنترنت الأشياء، وَتُعَدّ كل من الأنظمة الأسَاسية اَلتَّعْلِيمِيَّة وأجهزة الكٌمبيوتر المحمولة الخاصة بالطلاب والهواتف اَلذَّكِيَّة جزءًا من إنترنت الأشياء.
فمِما لا شَك فيه أن مَشهد الإنترنت آخذ في اَلِازْدِهَار فَلم يعَد الأمر يَتعلق فقط بأجهزة الكمبيوتر اَلشَّخْصِيَّة والمحمولة والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، بل أصَبح هُنَاكَ الكَثير من الأجهزة مُتَّصِلَة بالإنترنت، تَشمل قائمة اَلْأَجْهِزَة اَلذَّكِيَّة الغَسالات والمكَانس الكهربائية الآلية وَأَقْفَال الأبواب والألعاب وغيرها. فإنترنت الأشياء هو اَلْمُصْطَلَح اَلشَّامِل الذي يُمْكِنك الآن من شِراء مِظَلَّة ذَكية لأي شيء يَتَّصِل بالإنترنت، ولَقد تَطورت الأَشياء بِسبب التقَارب بين العَديد من اَلتِّقْنِيَّات والتحليلات في اَلْوَقْت الفعلي والتعَلم الآلي وَمُسْتَشْعِرَات اَلسِّلَع والأنظمة اَلْمُدْمَجَة. حَيث تُسَاهِم المجالات اَلتَّقْلِيدِيَّة للأنظمة اَلْمُضَمَّنَة وشبكات الاستِشعار اللاسلكية وأنظمة اَلتَّحَكُّم والأتمتة (بما في ذلك أتمتة المنَازل والمباني) وَغَيْرهَا في تَمْكِين إنِترنت الأشياء.
ولتوضيح ما سَبق دَعني عَزِيزِي القارئ اِعْرِضْ بَعض الأمثلة لإنترنت الأشياء فَعلى سبيل المثال في اَلسُّوق اَلِاسْتِهْلَاكِيَّة تُعْتَبَر تِقْنِيَّة إنترنت الأشياء مُرَادِفًا لِلْمُنْتَجَاتِ اَلْمُتَعَلِّقَة بمفهوم المنزل اَلذَّكِيّ، بما في ذلك الأجهزة مثل تَركيبات الإضاءة والثرموستات وأنظمة الأمن المنزلي والكَاميرات والأجهزة المنزلية اَلْأُخْرَى، التي تَدعم أنظمة بيئية أكثر شيوعًا يُمْكِن التحَكم فيها عَبر الأجهزة اَلْمُرْتَبِطَة بهذا النظام البيئي، مثل الهواتف الذكية وَمُكَبِّرَات الصوت الذكية.
كما يمكن أيضًا اِسْتِخْدَام إنترنت الأشياء في اَلْعَدِيد من الأنظمة مِثْل أنظمة اَلرِّعَايَة اَلصِّحِّيَّة، حيث يُمْكِن اِسْتِخْدَام أجهزة إنترنت الأشياء لِتَمْكِين مُرَاقَبَة اَلصِّحَّة عن بُعد وأنظمة إعلام اَلطَّوَارِئ. وَيُمْكِن أن تتراوح أجهزة مراقبة اَلصِّحَّة هذه من أجهزة مراقبة ضغط الدم ومعدل ضَربات القَلب وَالنَّبْض والحَرارة وَمُسْتَوَى اَلسُّكَّر بِالجِسم والجِهاز الهَضمي، وَالْمُسَاهَمَة في تَشخيص الحَالات اَلصِّحِّيَّة وإِمكانية إِرسال المَعلومات إلى الطبيب لتحليلها واتخاذ اَلْإِجْرَاء الطبي اَلْمُنَاسِب. هذه الأجهزة اَلْمُتَّصِلَة تأخذ البيانات الحَيوية بالجسم على مدار اليوم ليتم نقلها لاسلكيا إلى أجهزة اَلطَّبِيب مثل الكمبيوتر والهاتف الذكي الأجهزة المتقدمة القَادرة على المراقبة.
وَيُتِيح إنترنت الأشياء في العملية التعليمية اِسْتِخْدَام الأجهزة المتصلة بالإنترنت والبرامج التي يتم تحميلها عليها إمكانية التعلم المخصص. حيث يُمْكِن تحديد أَوجه القصور في التعلم لدى كل طالب ويَقترح على المعلم كيف يُمْكِن تخصيص المواد التعليمية لِمُسَاعَدَة كل طالب، كَما يُمْكِن إبقاء المعلم على اِطِّلَاع دائم بتقدم كل طالب في الوقت الفعلي، كما تٌمكن الأجهزة المتصلة مسؤولي المدرسة من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لإنتاج تَقَارِيرهمْ اَلْأُسْبُوعِيَّة أو اَلشَّهْرِيَّة أو اَلسَّنَوِيَّة حول مجموعة واسعة من المشكلات، بما في ذلك تقارير تَقدم اَلطُّلَّاب وتقارير التخطيط المالي وتقارير إدارة المدرسة، حيث سَتجعل إنترنت الأشياء الفصول الدراسية في المستقبل ملاذاً تقنياً للمعلمين والطلاب وستوفر تقنية الواقع المعزز (AR) للطلاب معلومات تفصيلية فَورية عن أي كائن يدرسونه. ستتمكن الفصول من استخدام الكتب المدرسية المشفرة بإمكانيات الواقع المعزز. وأيضا الواقع الافتراضي (VR)والذي يٌمكين الطلاب من اِسْتِخْدَام بيئة جديدة لِاسْتِكْشَاف أي شيء عن قرب من الآلات الثقيلة وداخل جسم الإنسان إلى النظام البيئي تحت الماء. وأشياء أخرى من وسائل التعلم لا حصر لها.
وهناك العديد من تطبيقات إنترنت الأشياء في الزراعة مثل جَمع البيانات عن دَرَجَة اَلْحَرَارَة، وَهُطُول الأَمطار، وَالرُّطُوبَة، وسرعة اَلرِّيَاح، وتفشي اَلْآفَات، وَمُحْتَوَى التربة. وَاسْتِخْدَام هذه البيانات لأَتمتة تِقْنِيَّات اَلزِّرَاعَة، وَاِتِّخَاذ قرارات مُسْتَنِيرَة لتحسين الجَودة والكمية، وتقليل المخاطر والهدر، وتقليل الجهد المطلوب لإدارة المحاصيل. فعلى سبيل المثال، يُمَكَّن للمزارعين مراقبة درجة حرارة التربة ورطوبتها من بعيد، وتطبيق البيانات المكتسبة من إنترنت الأشياء على برامج اَلتَّخْصِيب الدقيقة.
كما يُمْكِن اِسْتِخْدَام إنترنت الأشياء في البِنية اَلتَّحْتِيَّة لرصد أي أَحْدَاث أو تغييرات في الظروف الهيكلية التي يُمْكِن أن تزيد من المخَاطر. وَيُفِيد أيضاً صِناعة البِناء من خِلال تَوفير التكاليف، وتقليل الوَقت، وتحسين جَودة العَمل اليومي، وزيادة الإِنتاجية. كما يُمْكِن أن يُسَاعِد في اِتِّخَاذ قرارات أسرع وتوفير المال بِاسْتِخْدَام تحليلات البيانات، وَاسْتِخْدَامه لجَدولة أنشطة الإصلاح والصيانة بطريقة فعالة من خلال تَنْسِيق المهام بين مُخْتَلِف مُقَدِّمِي اَلْخِدْمَات وَمُسْتَخْدِمِي هذه المرافق، كما يُمْكِن أيضًا اِسْتِخْدَام أجهزة إنترنت الأشياء للتحكم في البِنية اَلتَّحْتِيَّة الحَيوية مثل اَلْجُسُور لتوفير الوصول إلى اَلسُّفُن. ومن اَلْمُرَجَّح أن يؤدي اِسْتِخْدَام أجهزة إنترنت اَلْأَشْيَاء للمراقبة والبِنية اَلتَّحْتِيَّة اَلتَّشْغِيلِيَّة إلى تَحْسِين إدارة الحَوادث وتنسيق الِاستجابة للطوارئ، وجودة الخِدمة، وأوقات التحديث وتقليل تكاليف اَلتَّشْغِيل في جميع المجالات المتعلقة بالبنية التحتية.
وفي مجال اَلصِّنَاعَة تُسْهِم إنترنت الأشياء في اَلرُّوبُوتَات، مراقبة العَمليات اَلصِّنَاعِيَّة والمَعلومات اَلْمُزَوَّدَة من المعدات وتَحليلها، قِياس ورَصد الِانبعاثات اَلْغَازِيَة وَالْحَرَارِيَّة لمتابعة إِجْرَاءَات اَلسَّلَامَة والحِماية، رَصد اَلْوَضْع اَلتَّشْغِيلِيّ لِلْمُعَدَّاتِ وَمُرَاقَبَتهَا وَتَحْدِيد مواعيد اَلصِّيَانَة، تَحْدِيث السٌوفت وير الخاص بالماكينة أُتُومَاتِيكِيًّا في حال إِصْدَاره. حتى مجالات مثل إدارة اَلنُّفَايَات يمكن أن تَسْتَفِيد من الأتمتة والتحسين الذي يُمْكِن أن تُوَفِّرهُ إنترنت الأشياء.
وفي مَجال اَلسِّيَاحَة، يُمْكِن اَلِاسْتِفَادَة من الواقع الافتراضي والمعزز لزيارة الأماكن السياحة بِحَيْثُ تُتِيح للسائِح أن يعيش تجربة فَريدة من نوعها تُحَاكِي اَلْوَاقِع حسب التاريخ لِلْمِنْطَقَةِ وَأَيْضًا تُعْطِي تَفاصيل المَوقع وأفضل وَسِيلَة لِلْوُصُولِ للموقع بالإضافة إلى الخدمات والوسائل المَوجودة بالموقع من مَطاعم وخدمات، أوقات العمل، خَريطة المسار للزيارة داخل الموقع، مع تنبيهات للتعريف في أي نُقْطَة مَوجود ويكون الشرح مَدعوماً بالترجمة.
وسَيزيد تَأثير اَلشَّبَكَة اَلْعَنْكَبُوتِيَّة على اَلْعَالَم في اَلْمُسْتَقْبَل القَريب بتقنية إنترنت الأشياء، سَتُصْبِحُ أغَلب الأجهزة الإلكترونية مُسْتَقِلَّة بذاتها ولا تَحتاج لأي تَدخّل بشري، ستتمكّن هذه الأجهزة من الإبلاغ عن أعطالها بنَفسِها وإصلاحها بمفردها، ويتوسّع المفهوم ليشمل كلّ ما يخطر ومالا يخطر على البال، بَدْءًا من اَلسَّيَّارَات التي تَقود نفَسها بنَفسها، نظام اَلْإِضَاءَة في المنزل، ووصولاً حَتَّى إلى خزانتك التي ستقترح عليك أيّ الثياب ستلبس اِعْتِمَادًا عَلى درجة حَرارة اَلْجَوّ ومَدى تَأثرك بالبرد أو الحرّ!
وعَلي ذلك يَجب عَلى اَلدُّوَل ألا تُغْمِض عَينيها أَمام هذه اَلظَّاهِرَة، إذ إِنَّهُ كُلَّمَا بَدأ اَلِاهْتِمَام مُبَكِّرًا، سَهُل تَنْظِيم اَلِاسْتِخْدَام اَلسَّلِس والفعّال وَالْمُفِيد لإنترنت الأشياء من قِبل اَلْمُوَاطِنِينَ والمؤسسات في عالم اِقْتِصَاد المَعرفة وَمُجْتَمَع المَعلومات، والتنبؤ والتخطيط لِلْمُسْتَقْبَلِ. وكلّما تَأخر ذلك الِاهتمام، صَعُبَتْ عَملية إدارة وَمُتَابَعَة ظَاهرة إنترنت الأشياء. وللحديث بقية، ،
تعليق واحد
أعجبني
تعليق